أصرت الآنسة بروستر على أن يشعل ونتوورث سيجاره وهو الأمر الذي فعله، بعد عدة محاولات لإقناعه. وبعد ذلك، أخذ بيدها ووضعها على نحو مريح تحت ذراعه، وعدلت خطوتها لتناسب خطوته. وأخذا يتمشيان بمفردهما تماما؛ فلم يكن ليل الشتاء المطير مشجعا لمعظم الركاب بالمقارنة بالغرف المريحة بالأسفل. ومع ذلك، صعد كينيون واثنان آخران إلى سطح السفينة وجلسوا على الكراسي التي كانت مربوطة بقضيب نحاسي يمتد بطول سور السطح. رأى بريق سيجار ونتوورث بينما كان الرفيقان يلتفتان في أقصى نهاية سيرهما، وعندما مرا به، سمع همهمة حديث منخفضة النبرة، وجزءا من ضحك خفيف بين الحين والآخر. لم يكن شعور كينيون بعدم الراحة والضيق بسبب ترك ونتوورث له؛ فهو نفسه لم يكن يعرف السبب، لكن تملكه هاجس غريب غير مريح. وبعد بعض الوقت، نزل إلى القاعة وحاول أن يقرأ، لكنه لم يستطع، ولذلك، سار بطول الممر الضيق الذي بدا أنه لا نهاية له، والمؤدي إلى غرفته (التي كانت أيضا غرفة ونتوورث) التي دخلها في النهاية. ولم يعد رفيقه إلى الغرفة إلا متأخرا.
سأله الآخر: «هل نمت يا كينيون؟»
كانت الإجابة: «لا.» «يا إلهي! إنها يا جون واحدة من أجمل الفتيات التي رأيتها في حياتي. كما أنها بارعة جدا؛ فهي تجعل الرجل يشعر بجوارها وكأنه أحمق. لقد قرأت تقريبا في كل الموضوعات. ولديها آراء عن كل كتابنا، الذين لم أسمع بالكثير منهم قط. أتمنى من أجلك، يا جون، أن تكون لديها أخت على متن السفينة.»
قال كينيون: «شكرا، أيها العجوز؛ إن هذا لطف شديد منك. ألا تشعر أنه قد حان الوقت لتتوقف عن هذا الهذيان وتذهب إلى سريرك وتطفئ هذا الضوء القوي؟» «حسنا، أيها المتبرم، سأفعل.»
في تلك الأثناء، كانت الآنسة جيني بروستر تنظر في غرفتها إلى انعكاس صورتها في المرآة. وبينما بسطت شعرها الطويل حتى انسدل مموجا على ظهرها، ابتسمت برقة وقالت لنفسها: «يا لك من مسكين يا سيد ونتوورث! في أول ليلة لنا معا وأخبرني بأن اسمه جورج.»
الفصل الثالث
لقد كان اليوم الثاني مفاجأة سارة لكل ركاب السفينة الذين أعدوا أنفسهم لرحلة شتوية غير سارة. لقد كان الهواء صافيا والسماء زرقاء كما لو كان الوقت وقت الربيع، وليس منتصف الشتاء. وكانت السفينة في منطقة تيار الخليج الدافئ. سطعت الشمس بشدة وكان الطقس معتدلا. ومع ذلك، كان يوما غير مريح للركاب المعرضين لدوار البحر. فعلى الرغم من أنه لم يكن يبدو، للملاحظ العادي، أن هناك حركة كبيرة للماء، فقد أخذت السفينة تتأرجح على نحو شديد. إن هؤلاء الذين اتخذوا قرارات جريئة بالجلوس على السطح كانوا يجلسون هناك في بؤس صامت على كراسيهم التي كانت مربوطة بدعامات قوية. القليل كان يتمشى على السطح اللامع النظيف لأن التمشي في ذلك الصباح كان يتطلب رشاقة لاعبي الجمباز. واستطاع الثلاثة أو الأربعة الذين أرادوا على ما يبدو أن يثبتوا أنهم سافروا على متن هذه السفن من قبل ، ويعرفون كل شيء عنها، أن يمشوا بالكاد على طول السطح. أما هؤلاء الجالسون على كراسي السطح، فكانوا يشاهدون ببعض الاهتمام من كانوا يسيرون أمامهم والذين كانوا من آن لآخر يتوقفون عن المشي وينحنون بشدة مع ميل السطح لأسفل. وأحيانا كانت أقدام السائرين تزل، فينزلقون بسرعة على السطح المائل. ومثل هذه الحوادث كانت بلا شك محل متابعة من قبل الجالسين، وحتى العجز كانوا يضحكون بوهن.
أسند كينيون ظهره على كرسيه على سطح السفينة وكانت عيناه مثبتتين على السماء الزرقاء. كان عقله غير منشغل الآن بشأن تقرير المناجم بعد أن أرسله بالتلغراف إلى لندن. وأخذ عقله ينظر في أحواله، وتساءل ما إذا كان سيجني الكثير من المال من عقد خيار الشراء الذي حصل عليه في أوتاوا. لم يكن شخصا متفائلا، ولذلك شك في هذا الأمر.
بعد أن انتهى الشابان من عملهما لصالح شركة لندن سينديكيت، أجريا صفقة صغيرة لصالحهما. لقد زارا معا منجم ميكا كان بالكاد يغطي نفقاته، وكان مالكوه متلهفين على بيعه. كان المنجم مملوكا لشركة المناجم النمساوية التي قابل كينيون وكيلها، فون برينت، في أوتاوا. أبرم الشابان عقد خيار شراء بشأن هذا المنجم لمدة ثلاثة أشهر مع فون برينت. كانت عين كينيون الخبيرة تقول له إن المادة المعدنية البيضاء التي كانوا يلقونها عند مقدمة المنجم كانت حتى ذات قيمة أعلى من الميكا التي كان المنجم يستخرجها من الأرض.
كان كينيون أمينا بشدة - وهي صفة نادرة بعض الشيء في مجال المناجم - وبدا له أنه ليس من العدل أن يستغل جهل فون برينت بشأن المادة المعدنية التي يتم التخلص منها. ووجد ونتوورث بعض الصعوبة في التغلب على ضمير صديقه وأمانته الشديدة. وزعم أن المعرفة دائما شيء يجب أن يدفع من أجل الحصول عليه، سواء في القانون أو الطب أو مجال المناجم، ومن ثم فهما محقان تماما في الاستفادة من علمهما الكبير. وهكذا عاد الشابان بعقد خيار شراء إلى لندن، مدته ثلاثة أشهر بشأن هذا المنجم.
ناپیژندل شوی مخ