امپراتوري اسلامي
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
ژانرونه
والواقع أن هذه الحرية الرابعة والتي يراد بها تحرير الناس من الخوف، هي وحدها التي تكفل طمأنينة الناس في أرجاء العالم كله إلى تلافي الحرب من الثلاث الأخرى السابقة التي تحدثنا عن اتفاقها مع مقررات الإسلام.
فالاعتداء والتأهب له والخوف منه هو وحده الذي يحتج به من يشاء للحد من حرية العقيدة ومن حرية الرأي، وهو الذريعة التي يطالب الناس باسمها أن ينزلوا عن الحد الأدنى لمستوى المعيشة الإنساني، وإنما ازدهرت الحرية العقلية والحرية الروحية في القرن التاسع عشر لأن الناس اطمأنوا إلى ما تؤدي إليه سياسة توازن القوى من منع الحرب.
وقد تبين أن سياسة التوازن هذه إنما تؤجل الحرب ولا تمنعها، ولذلك أدت إلى الحربين العالميتين اللتين أقضتا مضجع الإنسانية في هذا القرن العشرين.
ومن يوم نشبت الحرب العالمية الأولى، بدأت الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، فلم يستقر لحرية في العالم قرار، ولهذا اتجه الناس في مختلف الأمم يلتمسون الوسيلة لمنع الحرب وإقرار السلام.
مع ذلك نشبت الحرب الأخيرة، فجرت على العالم ما جرت من ويلات ودمار وموت، وجعلت الناس يعيشون في جو مكهرب لا قرار فيه لشيء، ولا يعرف أحد فيه ما كتب له في غده. وليس مما يسيغ العقل أن يخرج الناس من نكبة ليقعوا في نكبة شر منها، إلا أن يكون صوابهم قد طاش وهواهم قد ضل، ولهذا كان التفكير من جديد في منع الحرب أعظم ما يشغل بال الناس جميعا في كل الأمم. فإذا لم يكن منع الحرب بتاتا أمرا تطيقه الطبيعة البشرية، فلا أقل من تأجيلها أجيالا متعاقبة تتقدم أثناءها الإنسانية وينضج خلالها ضميرها، حتى يكون أحفادنا أسعد حالا منا. (4) دعوة الإسلام إلى حياة أفضل
وهذه الغاية هي بذاتها غاية الإسلام وغاية المصلحين الذين قاموا خلال العصور في مختلف الأمم، يدعون الناس إلى حياة خير من حياتهم وإلى فضائل خير من فضائلهم. وقد كان الجهد الذي بذل في هذا السبيل مقصورا في الماضي على أمة أو طائفة من الأمم؛ لأن أسباب الاتصال العالمي لم تكن ميسورة، ولأن أجزاء غير قليلة من أرضنا كانت مجهولة لآبائنا وأجدادنا.
أما اليوم، وقد جمعت أسباب الاتصال أجزاء العالم، ويسرت سبل التفاهم، فمن حقنا أن يعظم أملنا في أن يكون الناس أسعد غدا مما كانوا بالأمس، وأن يكونوا أشد حرصا على استدامة هذه السعادة فلا يسمحون لرجل أو لأمة أن تهددها أو تهدرها بحرب جديدة.
وكيف لا يحرص الناس على استدامة سعادة قوامها حرية الرأي والتعبير عنه، وحرية العقيدة وإقامة شعائرها والتحرر من العوز، والتحرر من الخوف؟!
لقد جاهد العالم منذ مئات السنين وألوفها ليحقق لبنيه شيئا فشيئا هذه الحريات، وقد بذل من الجهد والدماء في هذا الجهاد العنيف الطويل ما يسجله تاريخ الإنسانية من مبتداه إلى وقتنا الحاضر.
وقد ثبت في صحف هذا التاريخ أن كل نكسة كانت تصيب العالم فيما كسب من جهاده، كانت تؤدي إلى أعظم الويل، وكان الناس يدفعون ثمنها غاليا، ثم إن هذه النكسات كانت تحدث لأن بعض الشعوب كانت تتمتع بهذه الحريات وكان بعضها لا يجد الوسيلة إليها.
ناپیژندل شوی مخ