213

ایمان

الإيمان

ایډیټر

محمد ناصر الدين الألباني

خپرندوی

المكتب الإسلامي،عمان

د ایډیشن شمېره

الخامسة

د چاپ کال

١٤١٦هـ/١٩٩٦م

د خپرونکي ځای

الأردن

نفاقًا وهو يتناول من لم ينافق قبل، ومن نافق ثم جدد نفاقًا ثانيًا، وقوله: ﴿هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ﴾ يبين أنهم لم يكونوا قبل ذلك أقرب منهم بل إما أن يتساويا، وإما أن يكونوا للإيمان أقرب، وكذلك كان، فإن ابن أبيّ لما انخزل عن النبي صلىالله عليه وسلم يوم أحد، انخزل معه ثلث الناس، قيل: كانوا نحو ثلاثمائة، وهؤلاء لم يكونوا قبل ذلك كلهم منافقين في الباطن؛ إذ لم يكن لهم داع إلى النفاق.
فإن ابن أبي كان مظهرًا لطاعة النبي ﷺ والإيمان به؛ وكان كل يوم جمعة يقوم خطيبًا في المسجد يأمر باتباع النبي ﷺ ولم يكن ما في قلبه يظهر إلا لقليل من الناس إن ظهر، وكان معظمًا في قومه، كانوا قد عزموا على أن يتوجوه ويجعلوه مثل الملك عليهم، فلما جاءت النبوة بطل ذلك، فحمله الحسد على النفاق، وإلا فلم يكن له قبل ذلك دين يدعو إليه؛ وإنما كان هذا في اليهود، فلما جاء النبي ﷺ بدينه وقد أظهر الله حسنه ونوره، مالت إليه القلوب لا سيما لما نصره الله يوم بدر، ونصره على يهود بني قينقاع، صار معه الدين والدنيا، فكان المقتضى للإيمان في عامة الأنصار قائمًا، وكان كثير منهم يعظم ابن أبي تعظيمًا كثيرًا ويواليه، ولم يكن ابن أبي أظهر مخالفة توجب الامتياز، فلما انخزل يوم أحد وقال: يدع رأيي ورأيه، ويأخذ برأي الصبيان أو كما قال انخزل معه خلق كثير، منهم من لم ينافق قبل ذلك.
وفي الجملة، ففي الأخبار عمن نافق بعد إيمانه ما يطول ذكره هنا، فأولئك كانوا مسلمين، وكان معهم إيمان، هو الضوء الذي ضرب الله به المثل، فلو ماتوا قبل المحنة والنفاق ماتوا على هذا الإسلام الذي يثابون عليه، ولم يكونوا من المؤمنين حقًا الذين امتحنوا فثبتوا على الإيمان، ولا من المنافقين حقًا الذين ارتدوا عن الإيمان بالمحنة، وهذا حال كثير من المسلمين في زماننا أو أكثرهم، إذا ابتلوا بالمحن التي يتضعضع فيها أهل الإيمان، ينقص إيمانهم كثيرًا وينافق أكثرهم أو كثير منهم. ومنهم من يظهر الردة إذا كان العدو غالبًا، وقد رأينا ورأى غيرنا من هذا ما فيه عبرة. وإذا كانت العافية، أو كان المسلمون ظاهرين على عدوهم كانوا مسلمين، وهم مؤمنون بالرسول باطنًا وظاهرًا لكن إيمانًا لا يثبت على المحنة.

1 / 220