« واولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض »! (1)
كانت أيام السفاح أربع سنين ، وهذا الزمن لا يكفي لتطهير الأرض من أمية ، ولبناء اس الملك وترسيخ دعائمه ، فلم يشغله ذلك عن الصادق عليه السلام ، فإنه لم يطمئن بعد من أمية والروح الموالية لهم ، ولم يفرغ من تأسيس ذلك البناء حتى أرسل على الصادق من المدينة إلى الحيرة ، ليفتك به ، ولكن كفى بالأجل حارسا.
ولما ذا كان الصادق إحدى شعب همه ، وهو ابن عمهم الذي اشتغل بالعبادة والتعليم والارشاد ، والذي أخبرهم بما سيحظون به من الملك دون بني الحسن ، وقد كانوا بأضيق من جحر الضب من بني أمية ، وأقلق من الريشة في مهب الريح خوفا منهم.
ما كان يدفع السفاح على ذلك العمل الشائن إلا ما قلناه من ذلك الصراع حذرا من أن يتجه الناس إلى الصادق عليه السلام ، ويعرفوا منزلته ، والناس إلى ذلك العهد كانت ترى أن الخلافة مجمع السلطتين الروحية والزمنية ، ولا تراها سلطانا خالصا لا علاقة لها بالدين ، فلا يصرف الناس عن الصادق أنه رجل الدين الخالص ، بل أن هذا ادعى عند بعض الناس للامامة ، ليكونوا منه في أمان على دنياهم ، كما هم في أمان على دينهم.
وبذلك الحذر وقف المنصور بمرصد للصادق عليه السلام ، فشاهد عليه السلام منه ضروب الآلام والمكاره ، وما كف ولا عف عنه حتى أذاقه السم.
ولا عجب مما كان يلاقيه أبو عبد الله عليه السلام من تلك المكاره ، فإن
مخ ۹۳