وقتلوا خبابا أحد خيار الصحابة ، وبقروا بطون الحبالى.
ولم يستأصل تلك الروح استئصالهم بالنهروان ، وما زال في كل عصر وزمن قوم على ذلك الرأي والمروق ، وقد أزعجوا الملوك والولاة في تلكم الأعصر ، وكلما فني قوم منهم نبغ آخرون ، وكانت الناس منهم على رهبة ووجل لما يلاقونه منهم من الفتك الذريع والعمل الفظيع ، والقسوة وانتهاك الحرمة ، وكانوا يحاربون الملوك والولاة عن عقيدة واطمئنان ، فمن ثم تجدهم يستبسلون ويحاربون بشجاعة ورباطة جأش ، فلا تقف الناس لهم وإن كانوا أضعافهم ، إذ لا يحملون عقيدة يناهضون بها تلك العقيدة ، ولكنهم إذا عرفوا من أنفسهم الضعف قوضوا ليلا وبعدوا شاحطين ، ومن ذاك لا تسلم بلدة من وبالهم وسوء أعمالهم.
وكان لهم ظاهر نسك وعبادة ، وما زالوا يستميلون الهمج الرعاع بتلك المظاهر الصالحة ، ودعوى الخروج على سلطان الباطل ، والدعوة للعمل بالكتاب والسنة ، وإن ناقضوا تلك المظاهر والدعاية بشدة الوطأة والعيث فسادا ، إلا أن السذج من الناس ربما انخذعوا بظاهرة النسك والصلاح ، وقد خدعوا بهاتيك الظواهر الجميلة بعض أهل الكتاب ومن لا يعتقد صحة دين الاسلام ، فضموهم إليهم ، وكاثروا بهم.
وقد ضعفت بعد ذلك شوكتهم ، وهدرت شقاشقهم ، واستراح الناس منهم برهة من الزمن ، ولكن ظهر لهم شأن أيام الصادق عليه السلام فإن أحد رؤسائهم عبد الله بن يحيى الكندي الملقب بطالب الحق نهض في حضرموت بعد ما استشار الأباضية في البصرة وأوجبوا عليه النهوض ، وشخص إليه منهم أبو حمزة المختار بن عوف الأزدي وبلخ بن عقبة المسعودي في رجال من الأباضية ، وقد بايعه ألفان وبهم ظهر ، ولما كثر جمعه توجه إلى صنعاء وكتب
مخ ۵۹