ولم تمت على البدعة.
اخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان في زمان مقفر جدب فأما إذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفارها ، فما أنكرت يا ثوري ، فو الله أنني لمع ما ترى علي منذ عقلت ما مر صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته.
وأتاه قوم ممن يظهر التزهد ويدعو الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف ، فقالوا له : إن صاحبنا حصر عن كلامك ولم تحضره حججه ، فقال لهم : فهاتوا حججكم ، فقالوا له : حجتنا من كتاب الله ، فقال لهم : فادلوا بها ، فإنها أحق ما اتبع وعمل به ، فقالوا : يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (1) ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون » (2) فمدح فعلهم ، وقال في موضع آخر : « ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا » (3) فنحن نكتفي بهذا.
فقال رجل من الجلساء : إنا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم بها ، فقال لهم أبو عبد الله : دعوا عنكم ما لا ينتفع به ، أخبروني أيها النفر ، ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ، ومحكمه من متشابهه ، الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الامة؟ فقالوا له : أو بعضه فأما كله فلا ، فقال عليه السلام لهم : فمن هاهنا
مخ ۲۱۲