ولو لم يجد رعاة الجهل والجور والفجور أعضادا من أمثالهم وسكوتا عن أعمالهم ، لم تطمع نفوسهم بالانقياد إلى الهوى ، والاسترسال مع الشهوات ، ولم تطمح إلى الغض من كرامة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومنابذة رسالته ومحاربة عترته.
إن درس نفسيات اولئك الأقوام وسبر أعمالهم تجسم لك الغدر والخيانة والتحزب للضلال على الهدى ، وللباطل على الحق ، حتى لتكاد أن تعجب كيف لم يندرس الحق ، وتنطمس أعلام الهداية إلى اليوم ، ما دام أنصار الحق في كل عصر ومصر قليلين جدا « وقليل من عبادي الشكور ». (1)
وأين تغيب عن هذه الحقيقة ، ونظرة واحدة في عصرنا الحاضر تريك كيف تتمثل المنافسة بين الباطل والحق ، وتغلب الأول بأنصاره على الثاني وأعوانه ، وليس الغريب ذلك إنما الغريب أن يتفق انتصار أرباب الحق في بعض الأعصار وينخذل الباطل ، ولو انتصر أبو الحسن والحسن على معاوية ، والحسين على يزيد لكان بدعا في الزمن دون العكس في الحال ، وما كان انتصار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد تلك الحروب الدامية إلا إقامة للحجة ، « ليحيى من حي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة » (2) ولو غلب الكفر على الاسلام لم يتم نوره ، ولا قامت حجته.
إن الرسول الأمين جاء للناس بكل فضيلة وسعادة وخلق كريم وقد وقفوا دون أداء رسالته ، وتنفيذ دعوته ، وما رسالته إلا لخيرهم ، وما دعوته إلا لسعادتهم ، ولأي شيء أبت نفوسهم عن الاستسلام لتلك الفضائل غير مخالفتهم لها في السيرة والسريرة دأب البشر في كل عصر ، وهل خضع الناس لقبول تلك
مخ ۲۱