160

وفي الأدوية من المنفعة ، وإن شاب ذلك بعض المكاره.

أقول : وعلى هذا ومثله مثل الصادق عليه السلام أقوال اولئك الملحدين في شأن الآفات وأجاب عنها بنير البرهان ، الى أن انتهى في البيان إلى ذات الخالق تعالى في شبه الملحدين ، فقال : وأنه

كيف يكلف العبد الضعيف معرفته بالعقل اللطيف ولا يحيط به.

فيقول في الجواب : إنما كلف العباد من ذلك ما في طاقتهم أن يبلغوه وهو أن يوقنوا به ويقفوا عند أمره ونهيه ، ولم يكلفوا الإحاطة بصفته ، كما أن الملك لا يكلف رعيته أن يعلموا أطويل هو أم قصير ، أبيض هو أم أسمر وإنما يكلفهم الإذعان بسلطانه والانتهاء الى أمره ، ألا ترى أن رجلا لو أتى الى باب الملك فقال : اعرض علي نفسك حتى أتقصى معرفتك وإلا لم أسمع لك ، كان قد أحل نفسه العقوبة ، فكذا القائل أنه لا يقر بالخالق سبحانه حتى يحيط بكنهه متعرض لسخطه.

أقول : وعلى مثل هذا البديع من البيان ، والساطع من البرهان ، أتم الصادق عليه السلام دروسه التي ألقاها على المفضل بن عمر ، فقال في آخر كلامه : يا مفضل خذ ما أتيتك وكن من الشاكرين ، ولآلائه من الحامدين ، ولأوليائه من المطيعين ، فقد شرحت لك من الأدلة على الخلق والشواهد على صواب التدبير والعمد قليلا من كثير وجزء من كل ، فتدبره وفكر فيه واعتبر به.

يقول المفضل : فانصرفت من عند مولاي بما لم ينصرف أحد بمثله (1).

مخ ۱۶۳