في أمورهم والدنيا مظلمة عليهم ولم يكن يتهنئون بالعيش مع فقدهم لذة النور وروحه ، والارب في طلوعها ظاهر مستغن بظهوره عن الاطناب في ذكره ، والزيادة في شرحه ، بل تأمل المنفعة في غروبها ، فلو لا غروبها لم يكن للناس هدوء ولا قرار مع عظم حاجتهم الى الهدوء والراحة لسكون أبدانهم ، ووجوم (1) حواسهم ، وانبعاث القوة الهاضمة لهضم الطعام وتنفيذ الغذاء الى الأعضاء ، ثم كان الحرص يستحملهم من مداومة العمل ومطاولته على ما يعظم نكايته في أبدانهم ، فإن كثيرا من الناس لو لا جثوم (2) هذا الليل لظلمته عليهم لم يكن لهم هدوء ولا قرار حرصا على الكسب والجمع والادخار ، ثم كانت الأرض تستحمي (3) بدوام الشمس ضياءها ، وتحمي كل ما عليها من حيوان ونبات فقدرها الله بحكمته وتدبيره تطلع وقتا وتغرب وقتا ، بمنزلة سراج يرفع لأهل البيت تارة ليقضوا حوائجهم ثم يغيب عنهم مثل ذلك ليهدءوا ويقروا ، فصار النور والظلمة مع تضادهما منقادين متظاهرين على ما فيه صلاح العالم وقوامه.
إلى أن يقول عليه السلام في آخر هذا الفصل : فكر في هذه العقاقير وما خص بها كل واحد منها من العمل في بعض الأدواء ، فهذا يغور في المفاصل فيستخرج الفضول مثل الشيطرج (4) وهذا ينزف المرة السوداء مثل الافتيمون (5) وهذا ينفي الرياح مثل السكبينج (6) وهذا يحلل الأورام وأشباه هذا من أفعالها ،
مخ ۱۶۰