وبالجملة فكون الإمام معاصر للصحابة قطعي لا ينكره إلا غبي أو غوي، فظهر أن الحنفية ليسوا بمتفردين بإثبات المعاصرة، بل غيرهم من حملة الشريعة مؤمنون بالمعاصرة، فما وجه تخصيصها بهم فيما يأتي بعد هذه الجملة.
تشكيك
ثم قال(1): لم ير أحدا من الصحابة باتفاق أهل الحديث، وإن كان عاصر بعضهم على رأي الحنفية.
تفكيك
أقول: أليس ابن سعد والذهبي عندكم من المحدثين، وهما قد أقرا برؤيته لبعض الصحابة باليقين.
انظر إلى قول الذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) في ترجمته: مولده سنة (ثمانين)، رأى أنس بن مالك - رضي الله عنه - غير مرة لما قدم عليهم الكوفة، رواه ابن سعد عن سيف بن جابر أنه سمع أبا حنيفة يقوله. انتهى(2).
وإلى قوله في: ((الكاشف)): رأى أنسا - رضي الله عنه -. انتهى(3).
أليس الخطيب والنووي من المحدثين وهما قد نصا على كونه من التابعين، انظر إلى قول النووي في ((تهذيب الأسماء واللغات))، قال الخطيب البغدادي في ((التاريخ)): هو أبو حنيفة التيمي، فقيه أهل العراق، رأى أنس بن مالك - رضي الله عنه - ... الخ(4).
أليس الدارقطني وابن الجوزي من أرباب الحديث، وهما أيضا صرحا وأقرا بهذا الحديث، قال ابن الجوزي في ((العلل المتناهية في الأحاديث الواهية)) في (باب الكفالة برزق المتفقه)، قال الدارقطني: لم يسمع أبو حنيفة أحدا من الصحابة، وإنما رأى أنس بن مالك - رضي الله عنه - بعينه. انتهى(5).
ومثله نقله السيوطي في ((تبيض الصحيفة بمناقب أبي حنيفة))(6): عن حمزة السهمي أنه سمع الدارقطني يقوله.
مخ ۴۸