وبهذا امتازت روايته على رواية ابن وضاح.
وأما ابن وضاح:
فهو محمّد بن وضّاح بن بزيع - بالباء الموحدة والزاي ثم ياء فعين مهملة - مولى الإمام عبد الرحمن بن معاوية، القرطبي أبو عبد الله.
ووقع عند ابن الفرضي بزيغ بالغين المعجمة وهو تصحيف.
قال محمد بن حارث الخشني: "قال لي أحمد بن عبادة: كان ابن وضاح منتجبًا (كذا بالجيم، ولعله منتخِبًا) للرجال لا يأخذ شيئًا من روايته إلا عن الثقة، وأدخل الأندلس علمًا عظيمًا، وسمع منه من أهلها بشَرٌ كثير.
قال محمد: كان ابنُ وضاح شيخَ الأندلس" (١).
قال ابن الفرضي: "كان عالمًا بالحديث، بصيرً بطرقه، متكلمًا على عللِه، كثيرَ الحكاية عن العبّاد، وَرِعًا زاهدًا فقيرًا متعفِّفًا ... " (٢).
وكان ابنُ وضّاح رحمه الله تعالى ممن يغيّر في رواية يحيى الليثي، ويصلح الخطأ - في نظره - بحسب معرفته، أو اعتمادًا على الروايات الأخرى عن مالك.
(١) أخبار الفقهاء والمحدثين (ص: ١٢٢)، وذكر في ترجمته أسماء من روى عنهم ابن وضاح من أهل الأمصار.
(٢) تاريخ العلماء بالأندلس (٢/ ١٧)، وانظر: جذوة المقتبس (ص: ٨٧)، السير (١٣/ ٤٤٥). وفضائله ومناقبه كثيرة، وقد كُتبت رسالة علمية "الماجستير" بعنوان: محمد بن وضاح القرطبي مؤسِّس مدرسة الحديث بالأندلس، بدار الحديث الحَسَنية بقدم: د- نوري معمّر، ونشرتها مكتبة المعارف بالرباط سنة (١٤٠٣ هـ)، ومن الغريب أنّ الباحث لم يُعرّج على ذكر رواية ابن وضاح لموطأ مالك، وإصلاحه للخطأ، وقد انتقد عليه ذلك كما سيأتي.