Ilm Ilal al-Hadith wa Dawruhu fi Hifdh al-Sunnah al-Nabawiyyah
علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية
خپرندوی
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
ژانرونه
فلما كانت السنة بهذه المنزلة من العظمة في الشأن؛ كان من الأمور البدهية أن يحافظ عليها الرسول ﷺ، ويحفظها صحابته.
ومعلوم من فطرة البشر أنه كلما رأى الشيء غاليًا ومهمًا بالغ في حفظه وصيانته. وقد شهد التاريخ الصادق أن صحابة رسول الله ﷺ الذين اختارهم الله لصحبة نبيه، كانوا أول الدارسين لهذا العلم المبارك على يد سيد الخلق ﷺ، في أول جامعة متنقلة جمعت بين نُزَّاع القبائل وخلاصة البطون والأفخاذ في دار الأرقم بمكة، ثم انتقلت هذه الجامعة إلى يثرب التي صارت طيبة لطيب الرسول ﷺ، واستقرت في مسجد رسول الله ﷺ. وكانت هذه الجامعة تنتقل أينما حل وارتحل معلمها، الذي كان يُلَقَّى العلم والوحي من لدن العليم الحكيم، وكان ينزل به عليه الروح الأمين. نعم كان طلبة السنة النبوية يتنقلون مع نبيهم حتى في طريق ذهابه إلى الخلاء لقضاء حاجته، فيحمل أحدهم الإداوة من الماء، والثاني العَنَزَة، ويتعلمون منه أدب الخلاء.
كان أولئك الطلبة الأبرار ينتقلون مع معلمهم ﷺ في الغزوات والسفرات والحج والعمرات، فما يلفظ من قول إلا يقع في قلوب أصحابه، فيجدون حلاوته وطلاوته، ويحفظونه حفظًا وعلمًا، ويعملون به عملًا، فتعلموا العلم والعمل، يكرمونه إكرامًا، ويهابونه إجلالًا، ويحبونه أحب من أنفسهم وآبائهم وأولادهم.
وكان المعلم المبارك ﷺ رحيمًا رفيقًا، يتخولهم بالموعظة والتعليم، يدخل مجامعهم رجالًا ونساءً، فما من أحد صحبه ﷺ رجلًا كان أو امرأة، صغيرًا كان أو كبيرًا، إلا ويحفظ عنه على قدره، ويتشرف بدعوته المباركة: “نضَّر
1 / 2