212

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

هكذا قالت، وحملت أريس الثائر على أن يجلس فوق عرشه. أما «هيرا» فقد استدعت «أبولو» وأيريس - رسولة الآلهة الخالدين - إلى خارج البهو، وخاطبتهما بكلمات مجنحة قائلة: «إن زوس يأمركما بأن تذهبا إلى «أيدا» بأقصى ما في وسعكما من سرعة. فإذا ما وصلتما إلى هناك، ومثلتما أمام وجه زوس، فأنجزا كل ما يأمر به أو يطلبه!»

وما إن قالت هيرا الجليلة هذا حتى عادت ثانية واستوت جالسة فوق عرشها، فانطلقا لفورهما إلى أيدا ذات النافورات العديدة، وأم الوحوش، فوجدا زوس - الذي ينطلق صوته إلى بعيد - جالسا فوق ناصية جارجاروس، تحيط به سحابة عبقة الرائحة. عندئذ مثل الاثنان أمام وجه زوس، جامع السحب، فلم يستأ في قلبه إذ رآهما، لأنهما أطاعا كلام زوجته العزيزة بسرعة. وما لبث أن خاطب أيريس أولا بكلمات مجنحة قائلا: «اذهبي في عجلة، يا أيريس السريعة، واحملي كل هذه الأنباء إلى السيد بوسايدون، متوخية الصدق في نقلها إليه؛ مريه بأن يكف عن الحرب والقتال، ويذهب فينضم إلى قبائل الآلهة، أو يرحل إلى البحر المتألق. وإذا لم يطع كلماتي، ولم يحفل بي، فدعيه يفكر إذن في عقله وقلبه، خشية ألا يجد - مهما تكن قوته - شجاعة تمكنه من مقاومة هجومي؛ لأنني أعلن على الملأ بأنني أفضله قوة بمراحل، كما أنني أكبر منه سنا، ولكن قلبه لا يرهب أن يعتبر نفسه نظيري، أنا الذي يهابني جميع الآلهة الآخرين!»

وإذ قال هذا، لم تتلكأ أيريس - ذات القدمين السريعتين - في استيعاب كلامه وتنفيذه بسرعة الريح. فهبطت في الحال من تلال أيدا إلى طروادة المقدسة. وكما يطير البرد أو الثلج من السحب - مدفوعا بهبة الريح الشمالية المتحركة وسط السماء المتألقة - كذلك أيضا انطلقت أيريس السريعة متلهفة، واقتربت من مزلزل الأرض المجيد، وخاطبته بقولها: «يا مطوق الأرض، أيها الرب القاتم الشعر، إنني قادمة إليك برسالة من زوس، حامل الترس. إنه يأمرك بأن تكف عن الحرب والقتال، وتذهب للانضمام إلى قبائل الآلهة، أو تعود إلى البحر اللامع. أما إذا لم تسمع قوله، واستهنت بأمره، فسيحضر هو بنفسه إلى هنا، ليركز قوته حيال قوتك في العراك. وإنه ليأمرك بأن تتجنب يديه؛ لأنه يجاهر بأنه يفوقك قوة. ويكبرك سنا، ومع ذلك فإن قلبك لا يرهب أن تعتبر نفسك نظيرا لمن يهابه غيرك من الآلهة جميعا!»

فاتقد مزلزل الأرض غيظا، وأجابها بقوله: «حقا، ما أفظعه! لقد أسرف في الصلف - برغم قوته - وكأنه يستطيع حقا أن يخضعني عنوة، ودون رغبتي، وأنا قرينه في المجد. فنحن إخوة ثلاثة أنجبنا كرونوس، وريا: زوس، وأنا، وثالثنا هاديس ملك الموتى في العالم السفلي. ولقد قسمت جميع الأشياء إلى ثلاثة أجزاء متساوية، فلما هزت الأزلام، وعينت لكل منا مملكته، كان نصيبي البحر ذو الزبد الأبيض، ليكون موطني إلى الأبد، وكان الظلام الدامس من نصيب هاديس. بينما فاز زوس بالسماء الفسيحة وسط الفضاء والسحب. أما الأرض وأوليمبوس الشامخ فقد بقيت حتى الآن مشاعا بيننا جميعا. وعلى ذلك فلن أخضع لمشيئة زوس بحال من الأحوال، كلا، لن أخضع له، مهما تكن قوته، فليمكث في الثلث الذي آل إليه، ولا يحاول تخويفي بقوة يديه، كما لو أنني كنت جبانا رعديدا. فخير له أن يهدد بالكلمات الرهيبة بناته وأبناءه، أولئك الذين أنجبهم من صلبه، والذين يخضعون لكل ما يلقيه إليهم من أوامر!»

فردت عليه أيريس، ذات القدمين اللتين في سرعة الريح، قائلة: «أي مطوق الأرض، أيها الإله القاتم الشعر، أتريدني حقا أن أحمل رسالتك هذه إلى زوس، بالعصيان وعدم الرضوخ، أم أن قلبك لن يلبث أن يتحول؟ إنك لتعلم أن «الأيرينويس»

2

ينحزن دائما إلى الأكبر سنا!»

فأجابها «بوسايدون» من جديد، قائلا: «أيتها الربة أيريس، ما أصدق ما تحدثت به. وما أبدعه من أمر أن يكون للرسول عقل مدرك! ولكن غما فظيعا يملأ قلبي وروحي، عندما يحاول أي فرد أن يطغى على ند له - حباه القدر بحظ مساو لحظه - بكلمات غاضبة. على أنني سأنصاع الآن - برغم سخطي - وإن كان ثمة شيء آخر سأقوله لك، وسأضمره في قلبي كوعيد: ذلك هو أنه إذا كان زوس يعتزم - بالرغم مني، ومن أثينا، سائقة الغنائم، وهيرا، وهيرميس، والملك هيفايستوس - أن يبقي على طروادة الوعرة، فلا يخربها، ولا يعطي الأرجوسيين بأسا عظيما، فليعلم هذا، ليعلم أن سخطنا لن ينضب له معين!»

قال مزلزل الأرض هذا، ثم ترك جيش الآخيين، وسار إلى البحر ووثب إليه، فافتقده المحاربون الآخيون أيما افتقاد!

ثم تحدث زوس - جامع السحب - إلى أبولو، بقوله: «اذهب الآن يا أبولو - أيها العزيز - إلى هكتور المتدثر بالبرونز، فقد رحل الآن مطوق الأرض ومزلزلها إلى البحر المتألق، متحاشيا غضبنا المطلق، وإلا لسمع الآخرون عن صراعنا، حتى الآلهة الذين في العالم السفلي مع كرونوس. بيد أن هذا أفضل للطرفين معا - لي وله هو الآخر - إذ خليق به أن يكون طوع يدي، بالرغم من غضبه، وإلا لما انتهى الخلاف بدون كفاح. احمل في يديك الترس ذا الأهداب، وهزه بعنف فوق المحاربين الآخيين لتلقي به الذعر في نفوسهم. أما أنت، أيها الرب الذي تضرب من بعيد، فأجعل هكتور المجيد موضع رعايتك، وخلال هذه الفترة، بث فيه بطشا عظيما، إلى أن يهرب الآخيون إلى سفنهم والهيليسبونت، ومنذ تلك اللحظة، سأصطنع من القول والفعل ما يمكن الآخيين من أن يستعيدوا أنفاسهم بعد تعبهم!»

ناپیژندل شوی مخ