179

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

يقاتلون الأيتوليين، وكان الأيتوليون أقوياء في المعركة دفاعا عن مدينة كالودون الجميلة، بينما كان الكوريتيس يسعون إلى تخريبها تخريبا تاما ؛ لأن «أرتيميس» - ربة الصيد ذات العرش الذهبي - كانت قد أرسلت عليهم طاعونا، نقمة منها، إذ إن «أوينيوس» لم يقدم إليها باكورة الحصاد من أرضه الغنية بالكروم ، في حين أنه قدم للآلهة الآخرين وليمة من الذبائح المئوية، وكانت ابنة «زوس» العظيم هي وحدها التي لم يقدم لها ... وسواء كان قد نسي هذا مصادفة، أو أنه لم يفطن إليه، فإنه أثم في قرارة نفسه إثما بالغا؛ ومن ثم فإن الربة القواسة - ابنة زوس - استشاطت غضبا، وأرسلت إليه خنزيرا بريا متوحشا قويا، أبيض الناب، عاث فسادا وقام بشر مستطير، فخرب كروم «أوينيوس»، واقتلع كثيرا من الأشجار الباسقة من جذورها وألقى بها على الأرض، أجل، بجذورها ونوارها، ولكن «ميلياجير»، ابن «أوينيوس»، قتل الخنزير، بعد أن جمع الصيادين وكلاب الصيد من مدن كثيرة. إذ لم يكن في وسع نفر قليل أن يقتلوا الخنزير؛ فقد كان غاية في الضخامة حتى إنه دفع برجال كثيرين إلى المحارق الأليمة، ولكن الربة أثارت صخبا من أجله، وضجيجا من أجل رأسه وجلده الأشعث، بين «الكوريتيس» و«الأيتوليين» البواسل، وكانت الأمور تسير على ما لا يشتهي الكوريتيس، طالما ظل «ميلياجير» - حبيب أريس - يحارب، فلم يكن في مقدورهم أن يظهروا خارج أسوارهم رغم أنهم كانوا كثيري العدد. حتى إذا اشتد الغضب بميلياجير - ذلك الغضب الذي يملأ القلوب التي في صدور غيره كذلك، ولو كانوا راجحي العقل - فإنه لفرط حنق فؤاده على أمه

3

العزيزة الثايا، قبع بجوار زوجته «كليوباترا» الفاتنة، ابنة «ماربيسا» ذات الكعبين الجميلين، وحفيدة «أيفينوس» و«أيداس»، أعتى من كان على وجه الأرض من الرجال في ذلك الوقت، وهو الذي حمل قوسه ليواجه الملك «أبولو» من أجل العذراء

4

الجميلة العقبين. وكان أبوها وأمها المبجلة يسميانها - في قصرهما - «هاليكوني»؛ لأن الأم نفسها كانت قد بكت في محنة أشبه بمحنة طائر الهالكيون الكثير الأحزان، وكان ذلك عندما اختطفها «أبولو» الذي يضرب من بعيد، وإلى جوار «كليوباترا» رقد «ميلياجير» يرعى همه المرير؛ إذ كان مغضوبا عليه بسبب لعنات أمه. فإنها توسلت في الحال إلى الآلهة، من جراء حزنها على مقتل إخوتها، كما ضربت في التو بيديها على الأرض الخصبة، وهي تدعو «هاديس» أو «بيرسيفوني» البغيضة - وقد جثت على ركبتيها وبللت صدرها بالدموع - أن يجلبا الموت على ابنها. فإذا بارينوس - التي تسير في الظلام والتي لا يعرف قلبها رحمة - تسمعها من أيريبوس. وسرعان ما كان صخب الأعداء قد ارتفع حول أبوابهم، يصحبه صوت تحطيم الأسوار، فتوسل شيوخ الأيتوليين إلى «ميلياجير»، وبعثوا إليه بخير كهنة الآلهة، كي يهب لمساعدتهم، ووعدوه بهدية عظيمة، وأن يختار لنفسه ضيعة من خمسين فدانا - نصفها بساتين كروم، ونصفها الآخر أرض صالحة للزراعة - في أخصب بقعة من سهل كالودون البديع. وفي إلحاح، راح الفارس الشيخ «أوينيوس» يتوسل إليه. ووقف على عتبة حجرته المرتفعة السقف، يهز الأبواب المفصلية ليستحث ابنه. وفي إلحاح أيضا، أخذت شقيقاته وأمه المبجلة يتوسلن إليه، ولكنه رفض مسعاهم، وأمعن في عناده، ورجاه كذلك بإلحاح زملاؤه الذين كانوا أخلص الجميع له وأعزهم لديه، ولكنهم بالرغم من ذلك كله لم يستطيعوا التأثير على قلبه الكائن في صدره، إلى أن بدأ يشتد الدق على غرفته لتحطيمها، وأخذ الكوريتيس يتسلقون الأسوار ويحرقون المدينة العظيمة. عندئذ توسلت الزوجة الجميلة الهندام إلى «ميلياجير» وهي تنتحب، وأنبأته بكل المحن التي تحيق بمن يستولي الأعداء على مدينتهم؛ فالرجال يقتلون، والمدينة تأكلها النيران، ويأسر الغرباء أطفالهم ونساءهم المنخفضات الزنار، عندئذ خفقت روحه لسماع القصة المؤلمة، وانطلق في طريقه فارتدى عدته الحربية اللامعة.

وهكذا أنقذ الأيتوليين من اليوم المنحوس، بمحض إرادته. ومع أنهم لم يؤدوا إليه الهدايا العديدة الجميلة، فإنه دفع عنهم البلاء. والآن - يا بني العزيز - لا تدعني أرى فؤادك مصرا على عناده، ولا تدع السماء تحيد بك إلى تلك الطريق، فإنها لمهمة شاقة أن تنقذ سفنا اشتعلت فيها النيران فعلا، فهيا تعال، ما دام في الإمكان الحصول على الهدايا فإن الآخيين سوف يبجلونك كما لو كنت إلها. ولكنك إذا خضت المعركة - آفة البشر - بلا هدايا،

5

فلن تحظى بمثل هذا التبجيل، ولو درأت عن القوم شرور القتال.»

أخيل يستبقي «فونيكس» معه!

وهنا رد عليه «أخيل» - السريع القدمين - قائلا: «أي أبي فونيكس، يا سيدي الشيخ، سليل زوس، لست بأية حال في حاجة إلى هذا التبجيل ؛ فلقد كنت مبجلا - كما أعتقد - بموافقة زوس، وسيظل هذا التبجيل مفروضا لي وسط سفني المدببة، طالما ظلت هناك أنفاس في صدري، وظلت أطرافي قوية. وسأقول لك شيئا آخر، يجب أن تضعه في قلبك: لا تحاول أن تضني روحي بالبكاء والحزن؛ إرضاء للمحارب ابن أتريوس، ولا يخطرن لك أن تدلله، وإلا كرهتك أنا الذي أحبك. فمن الخير لي أن تغيظ من يغيظني. كن ملكا كما أنا ملك، واقتسم معي مجدي، ولكن هؤلاء سيحملون رسالتي، أما أنت فامكث هنا وارقد على فراش وثير، حتى إذا طلع النهار تشاورنا فيما إذا كنا نرحل إلى وطننا، أو تبقى هنا.»

ناپیژندل شوی مخ