176

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

فرد عليها زوس، جامع السحب، قائلا: «أي هيرا الجليلة، يا ذات عيون المها، ستشاهدين عند الفجر - إذا طاب لك - الابن الأقوى لكرونوس، وهو يحدث شغبا أقسى إيلاما، بين جيش الرماحين الأرجوسيين الكبير؛ لأن «هكتور» المرهوب الجانب لن يكف عن القتال إلا بعد أن ينهض «ابن بيليوس» - السريع القدمين - بجانب السفن، يوم يتقاتلون بين مؤخرات السفن، قتالا لا هوادة فيه، حول «باتروكلوس» الصريع، فهكذا قدرت السماء. أما أنت، فلن أكترث لغضبك، كلا، ولو ذهبت حتى إلى آخر حدود الأرض والبحر حيث يقيم «أيابيتوس» و«كرونوس» لا ينعمان بأشعة «هيليوس هوبيريون» أو بأي نسيم، بل تحيط بهما تارتاروس العميقة، من كل جانب. ومع أنك قد تذهبين إلى هناك في إحدى جولاتك، إلا أنني لن أحفل بغضبك أبدا؛ إذ لا يوجد من هو أكثر خزيا منك!»

هكذا تكلم، ولكن «هيرا» - البيضاء الساعدين - لم تنطق ببنت شفة لترد عليه. وبعد ذلك سقط ضوء الشمس اللامع في «أوقيانوس»، جاذبا الليل الداجي فوق وجه الأرض، واهبة الحب. فانصرف ضوء النهار على غير رغبة من الطرواديين، ولكنه صادف سرورا من الآخيين الذين صلوا ثلاث مرات لمجيء ظلمة الليل .

بعد ذلك عقد «هكتور» المجيد اجتماعا للطرواديين، وقادهم بعيدا عن السفن بجانب النهر - في العراء - حيث كانت الأرض خلوا من الموتى.

اجتماع في معسكر الطرواديين

وفي الحال ترجلوا من عرباتهم إلى الأرض، ليستمعوا إلى الكلمة التي يلقيها «هكتور» - حبيب زوس - في جمعهم، وكان يمسك في يده رمحا طوله أحد عشر ذراعا، وقد تألق أمام وجهه رأس الرمح البرونزي الذي كانت تحيط به حلقة من الذهب. وما لبث أن اتكأ على الرمح، وألقى كلمته وسط الطرواديين، فقال: «أيها الطرواديون، والدانيون والحلفاء، اسمعوا وعوا. كنت آمل أن ننزل الدمار الآن بالسفن وبجميع الآخيين، ثم نعود ثانية إلى طروادة ذات الرياح، بيد أن الظلام تعجل إرخاء سدوله، فكان هذا منقذا للأرجوسيين وسفنهم التي على شاطئ البحر. إذن فلنستسلم لليل البهيم، ونعد عشاءنا، خلوا الجياد ذوات المعارف الجميلة عن العربات وضعوا أمامها العلف، وأحضروا الثيران والأغنام الطيبة بسرعة من المدينة واجلبوا النبيذ العسلي المذاق والخبز من بيوتكم، وعلاوة على ذلك اجمعوا كثيرا من الحطب حتى نشعل كثيرا من النيران، فيصل وهجها إلى عنان السماء حتى مطلع الفجر، لئلا يسرع الآخيون - ذوو الشعر المسترسل - بالفرار فوق ظهر البحر الفسيح، تحت الظلام. كلا، يجب ألا يعتلوا ظهور سفنهم دون معركة، ولكن ضعوا نصب أعينكم أن يحمل كثيرون منهم جراحا يعالجونها في وطنهم، بأن يصاب كل منهم بسهم أو رمح حاد الطرف وهو يقفز إلى سفينته، حتى يرهب الآخرون إثارة الحرب المبكية ضد الطرواديين مستأنسي الخيول. وليعلن المنادون - أحباء زوس - في سائر أنحاء المدينة أن على الصبايا والرجال المسنين - الذين وخط الشيب جباههم - أن يجتمعوا حول المدينة، فوق الشرفات التي بناها الآلهة، ولتشعل كل امرأة نارا عظيمة في ساحتها، ولتكن هناك حراسة يقظة، خشية أن يتسلل كمين إلى المدينة في غيبة الجيش. ليكن الأمر - أيها الطرواديون العظيمو القلوب - كما أعلنه لكم ، وليقم بيننا الرأي السليم. ولسوف أزيدكم نصحا عند الفجر، وسط الطرواديين مستأنسي الخيول. وإنني لأواصل الصلاة بأمل عظيم لزوس والآلهة الآخرين؛ كي يطردوا من هنا أولئك الكلاب الذين حملتهم الأقدار، فوق سفنهم السوداء. ومع كل فلسوف نواصل الحراسة أثناء الليل، ثم نثيرها - في الصباح، مع مطلع الفجر - حربا شعواء، ونحن في عدتنا الحربية، عند السفن الخاوية، وسوف أعلم ما إذا كان «ديوميديس» القوي - ابن «توديوس» - سيدفعني بعيدا عن السفن حتى الأسوار، أو أنني سأقتله بالرمح البرونزي، وأحمل غنائمه الملطخة بالدماء. غدا سيعرف مبلغ شجاعته، وهل يستطيع الصمود أمام هجمة رمحي. لسوف يتردى. وسط الصفوف الأولى، بضربة من رمحي - على ما أعتقد - وحوله عدد كبير جدا من زملائه، صرعى كذلك عند مشرق الشمس في الغد. آه، ليتني أطمئن إلى الخلود وعدم الشيخوخة طول حياتي، وأن أبجل مثل «أثينا» و«أبولو»، بكل الثقة التي أطمئن بها إلى أن هذا اليوم سيجلب الشر على الأرجوسيين.» «كلوتمنسترا» - زوجة أجاممنون - تستقبل ابنها «أوريستوس».

هكذا خاطب «هكتور» جمعهم، فصاح الطرواديون بصوت عال ردا على كلامه، وفكوا خيولهم المبللة بالعرق - من تحت النير - وقيدوها بسيور من الجلد، وكان كل رجل بجانب عربته. وسرعان ما أحضروا الثيران والأغنام الكبيرة من المدينة، كما أحضروا لأنفسهم - من بيوتهم - نبيذا حلوا كالشهد وخبزا، وجمعوا مقدارا عظيما من الحطب، وقدموا للخالدين ذبائح مئوية تحقق الرجاء. وعبر السهل، حملت الرياح رائحة الشواء إلى عنان السماء، رائحة حلوة، ولكن الآلهة المقدسة لم تنل نصيبها منها، ولم يكن في نيتها ذلك؛ إذ إنها كانت تمقت طروادة المقدسة - وكذلك بريام وشعبه ذا الرماح الدردارية الطويلة - مقتا عظيما.

ولكن هؤلاء جلسوا طوال الليل - بآمال عالية - على طول خنادق القتال، وكانت نيرانهم تتأجج في مجموعات. وكما يحدث في السماء حول القمر المنير؛ إذ تتألق النجوم بسناها - عندما يكون النسيم هادئا في الفضاء الواسع - فتظهر سائر قمم الجبال والمرتفعات الأرضية والممرات العالية أمام عيني الناظر، وينساب الهواء اللانهائي من السماء، وتتجلى كل النجوم، فيتهلل قلب الراعي، هكذا كانت حال هذا الجمع بين السفن ومجاري كسانثوس المائية؛ إذ تألقت النيران التي أشعلها الطرواديون أمام طروادة. فكنت تشاهد آلاف النيران مستعرة في السهل، وإلى جوار كل منها جلس خمسون رجلا في وهج اللهب المتأجج. وإلى جوار عرباتهم كانت خيولهم تأكل الشعير الأبيض والجويدار، في انتظار بزوغ الفجر ذي العرش الجميل.

الأنشودة التاسعة

«مرحبا بكم، إنكم ولا بد أصدقاء، إذ جئتم ... ولا ريب أن حاجة ماسة أتت بكم، يا من أعتبرهم - حتى في غضبي - أعز الآخيين.»

كيف أوفد «أجاممنون» رسولا إلى «أخيل» يسأله أن يهدئ من نقمته، وكيف رفض أخيل طلبه!

ناپیژندل شوی مخ