141

ایلیاډه

الإلياذة

ژانرونه

وبعد أن سلحا نفسيهما، على جانبي الحشد، سارا نحو الشقة الحرام الفاصلة بين الطرواديين والآخيين، والشرر يتطاير من أعينهما، فاستولت الدهشة على الناظرين من الطرواديين مستأنسي الخيول، والآخيين المدرعين جيدا، ثم اتخذ كل منهما وقفته متقاربين في المسافة، يلوحان برمحيهما كل إلى الآخر في غضب. فقفز ألكساندر برمحه أولا، مصوبا ضربة إلى درع ابن أتريوس، تلك الدرع المستديرة المتزنة من كل جانب، فلم يخترقها الرمح الطويل، ولكن طرفه انثنى فوق الترس القوي. وإذ ذاك هجم ابن أتريوس، مينيلاوس، برمحه، وهو يصلي لأبيه زوس قائلا: «أي زوس، مليكنا، هب لي أن أنتقم منه جزاء ما اقترفت يداه في حقي، أنتقم من ألكساندر العظيم، وأن تخضعه تحت قبضة يدي، كي ترتجف الأجيال القادمة لمجرد التفكير في الإساءة إلى المضيف الذي أظهر للضيف صداقته!»

وما إن تكلم، وأصلح من اتزان رمحه الطويل الظل، حتى قذف به مصوبا الضربة إلى ترس ابن بريام المتزن جيدا من كل جانب. فنفذ الرمح من الترس اللامع، ثم خلال درع صدره المرصعة بالأحجار الثمينة، ومرق إلى عباءته المدرعة عند جانبه، ولكنه انتحى مسرعا إلى جنب، فنجا من المصير الأسود! عندئذ شهر ابن أتريوس سيفه المرصع بالفضة، ورفع نفسه إلى فوق، كي يضرب حافة خوذته، غير أن السيف تحطم فوقها إلى ثلاث قطع، لا، بل إلى أربع، ثم سقط من يده. وإذ ذاك، صاح ابن أتريوس صيحة مريرة، ناظرا إلى السماء المنبسطة إلى بعيد، قائلا: «أبي زوس! ليس هناك إله آخر أشد منك إيذاء. حقا لقد خيل إلي أنني انتقمت لنفسي من ألكساندر بسبب فجوره، ولكن ها هو سيفي يتحطم الآن في يدي، وقد طار من قبضتي دون جدوى، دون أن أجهز عليه!»

وما إن قال هذا، حتى وثب عليه وأمسك به من خوذته ذات خصلة شعر الخيل الغليظة، وألقى به إلى الأرض وشرع يجره صوب الآخيين المدرعين جيدا، فاختنق باريس بواسطة سير الخوذة الفاخر التطريز. المربوط بإحكام أسفل ذقنه الناعمة، والملتف حول عنقه البض. وكان مينيلاوس يسحبه بعيدا، ويحظى بانتصار لا يوصف، لولا أن أفروديت ابنة زوس، أبصرت به في الحال، ولكي تنقذ «باريس»، قطعت السير المصنوع من جلد الثور إلى نصفين، فبقيت الخوذة خاوية في يد «مينيلاوس» القوية، وعندئذ طوح بها إلى جموع الآخيين المدرعين جيدا، فالتقطها زملاؤه المخلصون. أما هو نفسه فقفز إلى الوراء من جديد، تواقا إلى قتل عدوه بالرمح البرونزي. ولكن أفروديت اختطفته بسرعة بقدرة الربة، وأخفته في غمامة كثيفة من الضباب، ثم وضعته في غرفته المعطرة، ذات القبو.

هيلينا وباريس!

وذهبت أفروديت بنفسها لتستدعي هيلينا. فألفتها فوق الحائط المرتفع، ومن حولها نساء طروادة جماعات. فأمسكت الربة بثوبها العبق، وجذبته، وتكلمت إليها متخذة صورة امرأة عجوز ممن يغزلن الصوف كانت تهيئ لها الصوف الناعم إبان وجودها في لاكيدايمون، وكانت تحبها حبا جما. وفي صورتها تكلمت أفروديت الفاتنة، فقالت: «تعالي إلى هنا إن ألكساندر يدعوك لتذهبي إلى بيتك. إنه هناك في غرفته، مستلقيا فوق سريره المطعم، يتألق جمالا وبهاء. لم تكوني لتصدقي أنه سيعود بحال ما من قتال عدوه، ولكنك سوف تجدينه كما لو كان ذاهبا إلى المرقص، أو عائدا لتوه بعد أن كف عن الرقص».

وإذ قالت هذا، حركت قلب هيلينا في صدرها، فلما أبصرت جيد الربة الأتلع ، وصدرها الجميل، وعينيها البراقتين، استولى عليها الذعر فخاطبتها بقولها: «أيتها الربة الغريبة الأطوار، لماذا عولت على خداعي بهذه الكيفية؟ - بعد أن رأيت كيف هزم مينيلاوس ألكساندر العظيم، واعتزم أن يصحبني، أنا البغيضة، إلى بيته - لن تتردي في أن تقوديني إلى مكان ناء بإحدى المدن المكتظة بالسكان، في فروجيا أو مايونيا الجميلة، لو وجدت لي هناك عاشقا عزيزا عليك من البشر! ... لهذا جئت الآن بنية سيئة! فاذهبي إذن اجلسي إلى جوار «باريس» واتركي طريق الآلهة، ولا تجعلي قدميك تحملانك بعد الآن إلى أوليمبوس بل احملي الهموم من أجل «باريس»، واحرسيه إلى أن يتخذك زوجته، أو ربما جاريته، ولكني لن أذهب إلى هناك، فقد كان من العار أن أرتب فراش ذلك الرجل، ولسوف تنحي نساء طروادة جميعا علي باللائمة، فضلا عن أن آلام قلبي لا حد لها.»

ثارت ثائرة أفروديت، فقالت: «لا تستفزيني، أيتها المرأة الطائشة، لئلا يتملكني الغضب فأهجرك، وأبغضك بقدر فرط حبي لك الآن، أو أدبر الكراهية المحزنة بين الطرواديين والدانيين على السواء، وعندئذ تلاقين شر ميتة تعسة.»

وإذ قالت هذا، استبد الخوف بهيلينا المنحدرة من زوس، فمضت صامتة وراء الربة، وقد التفت بعباءتها اللامعة المتألقة، فلم تبصرها النساء الطرواديات والربة تقودها إلى الطريق.

وعندما بلغتا الآن قصر ألكساندر الجميل، انهمكت الخادمات فورا في أعمالهن. أما هي، الغادة الحسناء، فصعدت إلى الحجرة ذات السقف المرتفع، حيث أحضرت لها الربة، أفروديت المحبة للضحك، مقعدا ووضعته تجاه ألكساندر. فجلست هيلينا، ابنة زوس حامل الترس، ونظرت إلى ألكساندر شزرا بعينيها، وأنبت زوجها قائلة: «لقد عدت من الحرب! ليتك هلكت هناك. وصرعك الرجل الشجاع، الذي كان سيدي السابق، إنك كنت تزهو فيما مضى بأنك أفضل من مينيلاوس، العزيز لدى «أريس»، بقوة يديك، وبرمحك، ولكن أتجرؤ الآن على الذهاب، لتتحدى من جديد «مينيلاوس» العزيز لدى «أريس»، كي يشتبك معك في قتال، رجل لرجل؟ لا، إنني، من تلقاء نفسي، آمرك بالإحجام، وألا تتعجل بمحاربة مينيلاوس الجميل الشعر، ولا تتقاتل معه بحماقتك، خشية أن تلقى حتفك سريعا برمحه!»

عندئذ تحدث إليها باريس، قائلا: «سيدتي، رفقا بقلبي، من التأنيب بكلمات التعبير القاسية، فلقد هزمني مينيلاوس، بمساعدة أثينا، ولكني سوف أقضي عليه في فرصة أخرى؛ لأن هناك آلهة تقف إلى جانبي. تعالي، هيا نأخذ حظنا من المتعة، فنضطجع معا ونرتوي من لذات الحب، فلم يسبق لي أن اجتاحتني مثل هذه الرغبة، كلا، ولا حتى عندما خطفتك أولا من «لاكيدايمون» الجميلة، في سفني ماخرة البحار، وفي جزيرة «كراناي» نعمت بمقاسمتك فراش الحب، والآن، تتملكني نفس الرغبة الجامحة والغرام الجارف.»

ناپیژندل شوی مخ