ذلك هو النهج الذي آليت على نفسي أن أنهجه في كل الكتاب، وإني أبرأ إلى الله من العصمة، فإذا فرضت مني فارطة على خلاف ما ذكرت، فإنما تلك هفوة زل بها القلم، وجل ربك ولي العصمة والسداد.
ضروب النظم في التعريب
بقي علي تتمة لهذا الباب أن أذكر ضروب النظم التي جريت عليها في تعريب الكتاب:
رب من ترجو به دفع الأذى
عنك يأتيك الأذى من قبله
فقد يأتي الضرر من حيث يرجى النفع، فإن اتساع القوافي في اللغة العربية من جملة أسباب التضييق على الشعراء إذ مهما طال الشاعر باعا، فلا يأتي على عدد معلوم من الأبيات حتى يكاد يستنزف القوافي السائغة؛ ولهذا كان من المستحيل نظم الألوف المؤلفة على قافية واحدة، وهذا من جملة أسباب ضعف الشعر القصصي في العربية، وإذا فرضنا وجود قافية تتسع لمثل هذا المجال، فالأذن تمل توالي النغمة الواحدة لأطيب الألحان، فهذه تائية ابن الفارض الكبرى وقل من يقرؤها مع أن حفاظ شعره يعدون بالألوف كما أبنا في موضع آخر، وإذا لجأنا إلى الرجز في مثل هذا السياق الطويل فلدينا من سائر البحور ما يفوقه جزالة في بعض المواقف، وقوة في مواقف أخرى.
زارني صديق من نوابغ شعراء العصر، وقال: «بودي نظم الحادثة التاريخية الفلانية، وهي تستغرق نحو خمسمائة بيت في سياق واحد، وإنه ليعز علي أن ألتزم قافية لمثل هذا العدد، ولا أحب أن أنظمها رجزا، والمقام لا يؤذن بتقطيعها قصائد» قلت: وما قولك لو جعلتها نشيدا مسبعا أو مثمنا لا تستعيد القافية فيها إلا مرة كل بضعة أبيات، فتتخللها قوافي أخرى تطيب لها نفس القارئ، فلا يملها ويتسع لك المجال فتتخلص من العسف والتكلف، فاستحسن وأظنه فعل.
ولهذا نوعت النظم على طرق شتى متبعا الخطة التي تقدم بسطها، ومراعيا لكل ضرب من ضروب النظم مقاما حسبته ينطبق عليه، فربما قطعت النشيد قصائد مختلفة، وربما نظمته قصيدة واحدة، ووسعت لنفسي في استنباط ضروب غير مطروقة، ولكنني لم أخرج بشيء منها عن أصول الشعر واللغة.
فاستعملت النظم الشائع من قصائد وتخاميس وأراجيز، وسلكت مسالك أخرى دعوتها بأسماء رأيتها تنطبق عليها وهي:
المثنى
ناپیژندل شوی مخ