مجمله
لما اكتسح الإغريق «اليونان» بلاد الطرواديين عاثوا في مدائنهم، وسبوا نساءهم، وحصروا إليون عاصمة بلادهم عشر سنوات على ما مر بك في المقدمة، وكان في جملة السبابا فتاتان فتانتان تدعى إحداهما خريسييس «أوخريسا» والأخرى بريسييس «أوبريسا» أجمع زعماء الجيش على تمليك الأولى منهما لأغاممنون ملك ملوكهم، والثانية لآخيل ملك المرميذونة وبطل الإغريق على الإطلاق، فحمل خريس كاهن أفلون ما غلا وعز من المتاع والمال إلى معسكر الإغريق فكاكا لابنته خريسا، وبذلك افتتح هوميروس أناشيده.
فجنح الزعماء إلى إجابة ملتمس الكاهن الشيخ، ولكن أغاممنون أغلظ له المقال ورده خائبا، فانثنى من حيث أتى يستغيث الآلهة أفلون، فأغاثه وضربهم بوباء «فغدت جندهم تخر فلولا» فثقل عليهم الرزء ولم يفقهوا له سببا، فهاجت الحمية صدر آخيل، ودعاهم إلى مجلس شوراهم للمفاوضة في استطلاع كنه الأمر، فلما اجتمعوا أنبأهم العراف كلخاس أن أفلون ناقم منهم لخيبة كاهنه، وأنه لا سبيل إلى استرضائه ما لم يستلينوا قلب الشيخ برد فتاته إليه، فعظم الأمر بادئ بدء على أغاممنون، ثم ما لبث أن لان وأذعن لحكم كلخاس على أن تساق إليه سبية أخرى بدلا منها، فعارضه آخيل واشتد الخصام بينهما حتى كاد آخيل يفتك بأغاممنون لولا أن أثينا «إلاهة الحكمة» هبطت من السماء وصدته قسرا، ثم توسط بينهما نسطور الحكيم إخمادا للفتنة فما زادا إلا احتداما، وارفض الجمع على غير وفاق واعتزل آخيل القتال.
وأما أغاممنون فلم يزدد إلا اغترارا واعتزازا بما له من السيطرة على سائر الأنصار، فأمر بإرسال خريسا إلى أبيها، وبعث فقبض على بريسا سبية آخيل، وأحلها في خيمه في جملة ما ملك، فشق الأمر على آخيل، وتظلم إلى أمه ثيتيس (إحدى بنات الماء) فأسمعت صوت تفجعه من لجة البحر، فشقت العباب إليه، واستقصته الخبر ورقيت إلى زفس أبي الآلهة تلتمس الأخذ بيد آخيل، والانتقام له من الإغريق، فوعد زفس بخذلهم وإعلاء شأن الطرواد إلى أن يطيب آخيل نفسا، ففطنت هيرا زوجة زفس لما جرى من الحديث بينه وبين ثيتيس، وفي نفسها حزازة على الطرواد فهمت بالاعتراض عليه، فأوسعها وعيدا وزجرا وبادر هيفست، وسوى الخلاف وأدار السلاف، فظل الأرباب في طرب ونعيم إلى أن خيم الظلام، فتوسد كل مضجعه ونام.
تستغرق وقائع هذا النشيد اثنين وعشرين يوما، تسعة أيام مدة الوباء ويوما مدة اجتماع الزعماء ونزاع الملكين، واثني عشر يوما مدة إقامة زفس بين الأثيوبة، ومجرى الحوادث أولا في معسكر الإغريق، ثم في بلدة خريسا، وأخيرا في الألمب.
النشيد الأول
ربة الشعر عن آخيل بن فيلا
أنشدينا واروي احتداما وبيلا
1
ذاك كيد عم الأخاء بلاه
ناپیژندل شوی مخ