ومما ينسب إليه أيضا ثلاثة وثلاثون مزمورا ترنم فيها بمدح الآلهة، وقص فيها بعض أخبارهم، وترسل بالابتهال إلى أفلون، وعطارد (هرمس) والزهرة، وذيميتير، والمريخ (آريس) وأثينا، وهيرا، وهرقل قلب الأسد، وإسقليبيوس إله الطب، وهيفست إله النار، وفوسيذ وزفس، والشمس والقمر والأرض وهم جرا.
وقد نسبوا إليه أيضا بعض مقاطيع وأهاجي في أبيات قليلة، والأظهر أن تلك المقاطيع والزبور وأشباهها مما ألصق بديوان هوميروس لجهل رواتها أسماء أصحابها.
الإلياذة
تمهيد
الإلياذة أو الإلياس نسبة يونانية إلى إليون عاصمة بلاد الطرواد، وهي الملحمة التي نحن بصددها وضعها هوميروس على أسلوب بسيط وبناها على موضوع واحد هو «غيظ آخيل أو احتدامه» ونهج بها نهجا متناسقا قص في أثنائه حوادث متسلسلة لا تتشعب وقائعها بتعدد الأشخاص مهما كثروا وكثرت. فهي بهذا المعنى سلسلة واحدة من أولها إلى آخرها، وهو مذهب معظم الرواة والقصاصين من القدماء، ولا سيما الشرقيين لميلهم إلى البسيط من القصص بخلاف رواة الأوروبيين في الأعصر الحديثة فإنهم يفرعون الحوادث ويكثرون من تدخل الأشخاص بوقائع متشعبة مما يئول في نظرهم إلى زيادة تفكهة القارئ، ولعل المتأخرين مصيبون برأيهم هذا في الزمن الحاضر وخصوصا؛ لأنهم بعد انتشار فن الطباعة أصبحوا في غنى عن استظهار أقاصيصهم على نحو ما كان القدماء يحفظون رواياتهم حرفا حرفا عن ظهور قلوبهم. ومعلوم أن البسيط المتناسق أسهل حفظا من المركب المتشعب.
ولا بد لنا قبل بسط موضوع الإلياذة من الإلماع إلى حرب طروادة تلك الحرب التي خلد هوميروس ذكرها باقتطاع شذرة منها موضوعا لأناشيده.
كانت مملكة طروادة أثناء تلك الحرب ممتدة من جنوبي آسيا الصغرى إلى الهلسبنطس وهو مضيق الدردنيل، وملكها فريام وقاعدتها إليون، وتدعى أيضا طرويا (أو طروادة) وقد عفت آثارها منذ قرون، ولكنه قد يؤخذ مما توصل إليه بالبحث أنها كانت واقعة في سفح الجبل القائمة عليه الآن قرية بونار باشي.
أما بلاد الإغريق فكانت ممالك صغيرة تتحالف أحيانا وتتشاق أخرى، وبينها وبين بلاد الطرواد صلة تجارة ونسب، وحدث أن منيلاوس ملك إسبرطة غاب عن عاصمته في مهمة، وأن فاريس بن فريام أوفد برسالة إلى إسبرطة، فنزل ضيفا على منيلاوس وهو غائب وما زال بهيلانة امرأة فاريس حتى استهواها فأحبته ووافقته على الفرار معه إلى بلاده. فقامت الإغريق وقعدت لذلك النبأ. ولما أعيتهم الحيلة في استخلاص هيلانة تأهبوا للحرب، واستصرخوا جميع قبائلهم؛ ففزع إليهم القاصي والداني، وعقدوا لأغاممنون أخي منيلاوس وملك ميكينيا، فكانت الرئاسة إليه منذ نشوب الحرب إلى أن خبت جذوتها بدمار إليون، فساروا جيشا كثيفا يعيشون في بلاد الطرواد يخربون المدائن ويقتلون الرجال، ويسبون النساء، وينهبون الأموال إلى أن بلغوا إليون العاصمة فحصروها وأقاموا على حصارها عشر سنين. فساءت حال الفريقين، ونفدت الأرزاق وبادت المقاتلة، وكاد الإغريق ينثنون إلى أهلهم ويقنعون بسلامة من بقي منهم لو لم يوافهم داهيتهم أوذيس بخدعة مكنتهم من فتح إليون.
موضوعها
تناول هوميروس أياما قلائل من السنة العاشرة لحصار إليون وبنى عليها منظومته وشرع فيها بقوله:
ناپیژندل شوی مخ