الفرى المحمود، فاقتصرت منها على ما وفى بالغرض المقصود، واستوفى رجال النسب المجيد والحسب التليد، تعجيلا لقرى المستفيد، واكتفاء من القلادة بالقدر المحيط بالجيد، وإنها إن شاء الله لكافية فى الباب، ومقدمة فى الكلام اللباب، وتحفة إنما يعرف قدرها أولو الألباب.
والله يجزى قائلها الحسنى، وينفعه بمقصده الأسنى.
وإذ قد انتهينا إلى ما حسن لدينا إيراده فى هذا المعنى وصفا وذكرا، وخدمنا النسب الأشرف نظما ونثرا، فلنعرج على ذكر البقعة التى اختارها الله لرسوله الكريم منشأ، وجعلها لقومه قرارا ومتبوأ، وأولية البيت العتيق الذى جعله الله مثابة وأمنا للناس، ورفعه على أفضل القواعد وأكرم الأساس، ثم دحا الأرض من تحته رفعا للشبهة فى شرفه والالتباس.
ثم نذكر من وليه من آبائه الكرام، إذا هم أهله الأعلون وأولياؤه الأحقاء به الأولون، وهو مأثرتهم التى لم يزالوا إياها يرعون، ومن جرائها يراعون، وتراث المجد الذى إليهم يعزى وإليه يعزون، وبسيما شرفه يعرفون وباسمه يدعون.
ونشير إلى حرمته العظيمة فى الحرمات، وما أنزل الله تعالى بمن بغاه بسوء أو أتى فيه بأمر مذموم مشنوء من أليم العقوبات وعظيم النقمات.
لنخدم البلد كما خدمنا المحتد، ونقضى حق المكان الشريف كما قضينا حق الحسب التليد والطريف.
حق نخلص إلى ذكر المولد المبارك الذى منه نتدرج إلى المقصود، الذى نحن عليه عاملون، ولتمامه آملون، رجاء أن نجد ذلك مذخورا عند المولى الذى يضاعف لعبيده الحسنات ويعفو عن السيئات ويعلم ما يفعلون.
ذكر أولية بيت الله المحرم وركنه المستلم ومن تولى بناءه من ملائكته وأنبيائه صلى الله على جميعهم وسلم
قال الله العظيم: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكًا وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ [آل عمران: ٩٦] .
1 / 30