============================================================
قال في فتح الباري : والحديث متروك الظاهر ؛ لأن الذوات غير منتفية ، اذ التقدير لا عمل إلا بالنية ، فليس المراد نفي ذات العمل ؛ لأنه قد يوجد بغير نية ، بل المراد نفي أحكامها كالصحة والكمال ، لكن نفي الصحة أولى : ألنه أشبه بنفي الشيء نفسه ، ولأن اللفظ دل على نفي الذات بالتصريح ، وعلى في الصفات بالتبع ، فلما منع الدليل نفي الذات بقيت دلالته على نفي الصفات
مستمرة (1) : و ذهب الحنفية إلى أن النية في الوضوء ليست بفرض ، بل هي سنة يصح الضوء بدونها ، وإنما تطلب النية لتحصيل الثواب ، واستدلوا على ذلك بأدلة يأتي ذكرها في مسألة الزيادة على النص بخبر الواحد .
وتأولوا هذا الحديث بأن المراد : إنما ثواب الأعمال بالنيات .
قال السرخسي في المبسوط ، وبه نجيب عن استدلاله بالحديث ، فإن المراد أن ثواب العمل بحسب النية ، وبه نقول (2) : هذا ولا بد من القول إن الحنفية يفرقون بين النية في المقاصد ؛ كالصلاة ، الصوم ، والحج ؛ والنية في الوسائل ؛ كالوضوء، والغسل ، فيوجبونها في الأول دون الثاني ، ويحتجون على وجوبها بقوله عليه الصلاة والسلام " إنما الأعمال بالنيات" (3) ولا يتم لهم الاستدلال الا بعموم المقتضى مع آنهم لا يقولون به : هذا ولقد كان على الشافعية القائلين بوجوب النية أخذا من الحديث " إنما أعمال بالنيات " عليهم أن يقولوا بوجوب التسمية أيضا أخذا من حديث " لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه" (4) إلا أنهم لم يقولوا بوجوب التسمية كما قال به الظاهرية ، وهو رواية عن أحمد ، بل قالوا : ان التسمية سنة ؛ لأن هذا الحديث لم يصح عندهم . (5) (1) فتح الباري (9/1) (2) المجسوط 72/1 (3) انظر الزيلعي : (99/1) والهداية : (185/1) (4) الحدبث رواه أحمد وأبو داود في كتاب الطهارة باب التسمية في الوضوء وابن ماجه برقم (398) (5) نيل الأوطار (134/1 فما بعدها)
مخ ۱۶۵