قال مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى: وهلا تلا ابن الصلاح قوله تعالى: {مردوا على النفاق لا تعلمهم...} الآية، وقوله تعالى: {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة...} مع قوله تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها...} الآية، وهل يذكر ما روي في الصحاح قوله صلى الله عليه وعلى آله في أصحابه الذين يريدون الحوض فيجلؤ عنه، فقال: إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك، وأين إجماع الأمة على التعديل مع استحلال دماء وقعة الجمل وصفين والنهروان دماء بعضهم بعضا، اللهم إلا أن يخرج أولئك عن الأمة، وكيف هم كانوا هم الأمة، ثم من هؤلاء الذي يعتد بهم بإجماعهم دون من سواهم إن كان بدليل خاص فليبرزه وهو في محل الاحتجاج الذي لا يقتصر فيه على مجرد الدعوى، ثم إن المخالفة أن تدعي خلاف ما ادعي، ثم لا يكون أيهما أولى بصحة دعواه من الآخر.
هذا جوابه عليه السلام على ابن الصلاح، ولقد أجاد وأفاد، فتأمله، فهو يدفع عنك زخارف أهل العناد.
هذا وإن أصحابنا المتأخرين قد سلكوا في كتبهم الفقهية طريقا كان الأولى بهم والأجدر بحالهم أن يسلكوا طريقا غيرها، وهي أنهم يعتمدون على نقل أقوال مخالفيهم من فقهاء العامة ويملوؤن كتبهم بكثرة أقوالهم حتى أنهم يذكرون للعالم أقوالا عديدة، ويعدون ذلك مفخرا عظيما.
وهذا غاية التساهل، فإن الأولى الإعتناء في حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله الصحيح منه والساقط، فإنهم يحتجون بالحديث في تحليل أو تحريم، ولا يبحثون في صحته، ومن رواه مع ما في هذا من الخطر العظيم، وأنت ترى فقهاء العامة لا يلتفتون إلى أقوالهم ولا يعولون عليها، بل لا يبعد أنهم يدعون الإجماع مع إجماع الزيدية على خلاف ما ذكروه .
مخ ۷