إجابة النداء
إجابة النداء
خپرندوی
مطبعة سفير
د خپرونکي ځای
الرياض
ژانرونه
إجابة النداء
أنواعٌ، وفضائلُ، وفوائدُ، وآدابٌ، وإجابة قولية وفعلية، وأحكامٌ
في ضوء السنة المطهرة
تقديم معالي العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء
تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
ناپیژندل شوی مخ
تقديم معالي العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه/ وبعد: فقد تصفحت هذه الرسالة القيمة:
(إجابة النداء) لفضيلة الشيخ: سعيد بن علي بن وهف القحطاني، فوجدتها رسالة قيمة مفيدة في موضوعها، مؤيدة بالأدلة والنقول المفيدة، موثقة من مصادرها العلمية/ فجزى اللَّه مؤلفها خير الجزاء ونفع بها- إنه سميع مجيب، وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه:
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
١٥/ ٤/ ١٤٢٩هـ
1 / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في: «إجابة النداء» حررتها تذكرة لي، ولمن شاء الله من عباده المؤمنين، بينت فيها باختصار: فضائل النداء، وفضائل إجابة الأذان بالقول، وأنواعها، وفوائدها، وآدابها، وأحكامها، ووجوب إجابة النداء بالفعل، والله أسأل أن ينفعني بها في حياتي وبعد مماتي، وأن يجعل هذه الكلمات اليسيرات مباركة، نافعة، خالصة لوجهه الكريم، وأن ينفع بها من انتهت إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي، العظيم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
المؤلف: أبو عبد الرحمن
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
حرر عصر يوم السبت الموافق ١٢/ ٤/١٤٢٩هـ
1 / 3
المبحث الأول: فضائل النداء
ثبت في فضائل النداء نصوص كثيرة (١)، منها الفضائل الآتية:
١ - المنادي من الدعاة إلى الله، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى الله وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (٢).
٢ - المؤذِّنون أطول أعناقًا يوم القيامة؛ لحديث معاوية بن أبي سفيان ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» (٣).
٣ - يطرد الشيطان؛ لحديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان له ضُراط حتى لا يسمع التأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبل حتى إذا ثُوِّب للصلاة أدبَرَ، حتى إذا قُضِيَ التَّثْويبُ (٤) أقبلَ حتى يَخطُرُ بين المرء ونفسه، يقول له: اذكر كذا واذكر كذا لما لم يكن يذكر من
_________
(١) اكتفيت في هذه الرسالة بذكر فضائل النداء، وما يتعلق بحُكم إجابة النداء قولًا وفعلًا، وأما ما بقي من أحكام النداء فقد وفق الله تعالى لكتابة رسالة بالتفصيل، بعنوان: «الأذان والإقامة: المفهوم، والفضائل، والآداب، والشروط في ضوء الكتاب والسنة»، وهي في ٤٦ صفحة من الحجم المتوسط، وهي أيضًا قد أدرجتها ضمن صلاة المؤمن، ١/ ١٤١ - ١٦١، فمن أراد التفصيل فليرجع إليها إن شاء.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٣٣.
(٣) أخرجه مسلم، في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم ٣٨٧.
(٤) التثويب: الإقامة.
1 / 4
قبل، حتى يظلَّ الرجلُ لا يدري كم صلى» (١).
٤ - لو يعلم الناس ما في النداء لاستهموا عليه؛ لحديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير (٢) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (٣) والصبح لأتوهما ولو حبوًا» (٤).
٥ - لا يسمع صوت المؤذِّن شيء إلا شهد له، قال أبو سعيد الخدري ﵁ لعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري: «إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمعُ مدى صوت المؤذّن جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله ﷺ» (٥).
٦ - يُغفر للمؤذن مدى صوته وله مثل أجر من صلى معه؛ لحديث البراء بن عازب ﵄ أن نبي الله ﷺ قال: «إن الله وملائكته يصلون على الصف المقدَّم، والمؤذنُ يغفرُ له بمدِّ صوته، ويصدقه من سمعه من رطبٍ ويابسٍ وله مثلُ أجر من صلى معه» (٦).
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب فضل التأذين، برقم ٦٠٨، ومسلم، كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، برقم ٣٨٩.
(٢) التهجير: التبكير إلى الصلاة.
(٣) العتمة: صلاة العشاء.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب الاستهام في الأذان، برقم ٦١٥، ومسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها، برقم ٤٣٧.
(٥) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم ٦٠٩.
(٦) النسائي، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالأذان، ٢/ ١٣، برقم ٦٤٦، وأحمد، ٤/ ٢٨٤، وقال المنذري في الترغيب والترهيب، ١/ ٢٤٣: «رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد». وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٩٩.
1 / 5
٧ - دعاء النبي ﷺ له بالمغفرة؛ لحديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الإمام ضامنٌ (١) والمؤذن مؤتمن (٢)، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين» (٣).
٨ - الأذان تُغفر به الذنوب ويُدخِل الجنة؛ لحديث عقبة بن عامر ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «يعجب ربكم من راعي غنمٍ في رأس شظيَّة (٤) بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله ﷿: انظروا إلى عبدي هذا يؤذنُ ويقيمُ يخاف مني، فقد غفرتُ لعبدي وأدخلته الجنة» (٥).
_________
(١) ضامن: الضمان هنا الحفظ والرعاية؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم، وصلاتهم في عهدته. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الضاد مع الميم، ٣/ ١٠٣.
(٢) مؤتمن: أمين الناس على صلاتهم وصيامهم. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الهمزة مع الميم، ١/ ٧١.
(٣) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت، ١/ ١٤٣، برقم ٥١٧، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، ١/ ٤٠٢، برقم ٢٠٧، وابن خزيمة برقم ٥٢٨، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ١٠٠، وله شاهد من حديث عائشة ﵂ عند ابن حبان بسند صحيح، برقم ١٦٦٩.
(٤) الشظية: القطعة تنقطع من الجبل ولم تنفصل منه. انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الشين مع الظاء، ١/ ٧١.
(٥) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الأذان في السفر، ٢/ ٤، برقم ١٢٠٣، والنسائي، كتاب الأذان، باب الأذان لمن يصلي وحده، ٢/ ٢٠، برقم ٦٦٦، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،١/ ١٠٢، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم ٤١.
1 / 6
٩ - من أذَّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة؛ لحديث ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: «من أذَّن ثنتَي عشرةَ سنةً وجبتْ له الجنة، وكتب له بتأذينه في كلِّ يومٍ ستونَ حسنةً، ولكلِّ إقامةٍ ثلاثونَ حسنةً» (١).
١٠ - المؤذِّن خيار عباد الله؛ لحديث ابن أبي أوفى ﵁: أن النبي قال: «إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم لذكر الله» (٢).
١١ - المؤذِّن إذا أذَّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يُرى طرفاه؛ لحديث سلمان الفارسي ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا كان الرجل بأرض قِيّ (٣)، فحانت الصلاة، فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمّم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا
_________
(١) ابن ماجه، كتاب الأذان والسنة فيها، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين، برقم ٧٢٣، والحاكم في المستدرك، ١/ ٢٠٥، وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال المنذري في الترغيب والترهيب،١/ ١١١: «وهو كما قال».وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ٤٢، وفي صحيح ابن ماجه،١/ ٢٢٦.
(٢) الطبراني في الكبير واللفظ له كما قاله المنذري في الترغيب والترهيب، قال: والبزار، والحاكم،
١/ ٥١، وقال: «إسناده صحيح»، وقال الألباني في صحيح الترغيب، ١/ ٢١٧: «... في تصحيح الحاكم نظر من وجوه بينتها في الصحيحة، ٣٤٠٠»، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد،
١/ ٢٢٧: «رواه الطبراني في الكبير، والبزار، ورجاله موثقون، لكنه معلول»، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب، ١/ ٢١٧.
(٣) القِيّ: بكسر القاف وتشديد الياء: هي الأرض القفر [الترغيب للمنذري].
1 / 7
يُرى طرفاه» (١).
_________
(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، ١٠/ ٥١٠، ٥١١، والطبراني في المعجم الكبير، ٨/ ٣٠٥، برقم ٦١٢٠، وابن أبي شيبة في مصنفه، ١/ ٢١٩، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٢١٩.
1 / 8
المبحث الثاني: أنواع إجابة النداء
يُسنُّ لمن سمع المؤذن والمقيم أن يتابعه سرًّا بقوله، فيقول مثله، إلا في الحيعلتين فيقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله»، ثم يصلي على النبي ﷺ، ويقول الأذكار المشروعة بعد الأذان، ولا شك أن النبي ﷺ شرع لأمته في الذكر عند الأذان وبعده خمسة أنواع (١) على النحو الآتي:
النوع الأول: يقول السامع مثل ما يقول المؤذن إلا في لفظ: «حي على الصلاة، وحي على الفلاح»، فيقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله»؛ لحديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذِّن» (٢).
وعن عمر بن الخطاب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبرُ، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا
_________
(١) قال الإمام ابن القيم ﵀ في زاد المعاد في هدي خير العباد، ٢/ ٣٩١: «وأما هديه ﷺ في الذكر عند الأذان فشرع لأمته منه خمسة أنواع ...» ثم ذكر هذه الأنواع الآتية.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول إذا سمع المؤذن، برقم ٦١١، ومسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، ثم يصلي على النبي ﷺ، ثم يسأل الله له الوسيلة، برقم ٣٨٣.
1 / 9
الله، قال: لا إله إلا الله، من قلبه دخل الجنة» (١).
النوع الثاني: يقول عقب تشهد المؤذن (٢): وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا، وبمحمدٍ رسولًا، وبالإسلام دينًا، فعن سعد بن أبي وقاص ﵁ عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًّا، وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا، غُفِرَ له ذنبُهُ». وفي رواية: «من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد ...» (٣).
النوع الثالث: يصلي على النبي ﷺ بعد فراغه من إجابة المؤذن؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ أنه سمع النبي ﷺ يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا علي؛ فإنه من صلَّى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة» (٤).
النوع الرابع: يقول بعد صلاته على النبي ﷺ - ما ثبت في حديث جابر
_________
(١) مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، برقم ٣٨٥.
(٢) انظر: صحيح ابن خزيمة، ١/ ٢٢٠، ومجموع فتاوى ابن عثيمين، ١٢/ ١٩٤، وهكذا سمعته من شيخنا ابن باز غير مرة، أن المجيب يقول هذا الذكر بعد قول المؤذن الشهادتين.
(٣) مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن، برقم ٣٨٦.
(٤) مسلم، كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن، برقم ٣٨٤.
1 / 10
﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم ربَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلَّت له شفاعتي يوم القيامة» (١).
وثبت عند البيهقي زيادة: «إنك لا تخلف الميعاد» (٢).
النوع الخامس: يدعو لنفسه بعد ذلك، ويسأل الله من فضله؛ فإنه يستجاب له، فعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الدعوة لا ترد بين الأذان والإقامة فادعوا» (٣).
وسمعت شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز ﵀ وقدس روحه - يقول: «هذه الأنواع تقال كلها مرة واحدة مجموعة مع كل أذان» (٤).
_________
(١) البخاري، كتاب الأذان، باب الدعاء عند النداء، برقم ٦١٤.
(٢) سنن البيهقي، ١/ ٤١٠، وحسن إسناده الإمام ابن باز في تحفة الأخيار، ص٣٨، وفي مجموع الفتاوى له، ٢٩/ ٣٠٥.
(٣) أحمد في المسند، بلفظه،٣/ ٢٢٥،وأبو داود، في كتاب الصلاة بابٌ في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم ٥٢١،بلفظ: «لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة»،والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة، برقم ٢١٢،وفي كتاب الدعوات، باب في العفو والعافية، رقم ٣٥٩٤،وصححه الألباني في إرواء الغليل،١/ ٢٦٢.
(٤) سمعته أثناء شرحه لزاد المعاد: فصل في هديه ﷺ في الأذان وأذكاره، ٢/ ٣٩١.
1 / 11
المبحث الثالث: فضائل إجابة المؤذن
فضائل إجابة المؤذن بالقول كثيرة، منها الفضائل الآتية:
١ - مجيب المؤذن من الشهداء على الخير؛ لحديث أبي سعيد الخدري ﵁ يرفعه، وفيه: «... لا يسمع مدى صوت المؤذن جنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيءٌ إلا شهد له يوم القيامة» (١).
٢ - مجيب المؤذن من قلبه يدخله الله الجنة؛ لحديث عمر بن الخطاب ﵁، وفيه أن من قال مثل ما يقول المؤذن، فإذا قال المؤذن: لا إله إلا الله، قال: «... لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» (٢).
٣ - إجابة المؤذن يغفر الله بها الذنوب؛ لحديث سعد بن أبي وقاص ﵁ عن رسول الله ﷺ، وفيه: أن من قال عقب تشهد المؤذن: «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا، وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا غُفِر له ذنبه» (٣).
٤ - من أجاب المؤذن ثم صلى على النبي ﷺ صلى الله عليه بهذه الصلاة عشر صلوات؛ لحديث عبد الله بن عمرو ﵄، عن النبي ﷺ: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ؛ فإنه من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشرًا ...» (٤)، فصلاة الله على النبي: ثناؤه عليه عند الملائكة، قال أبو العالية: «صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء» (٥).
فعلى هذا من صلى على النبي ﷺ صلاة واحدة ذكره الله باسمه، وأثنى عليه عند الملائكة عشر مرات؛ لأن الصلاة من الله الثناء. فهذا فضل
_________
(١) البخاري، كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم ٦٠٩.
(٢) مسلم، برقم ٣٨٥، وتقدم تخريجه.
(٣) مسلم، برقم ٣٨٦، وتقدم تخريجه.
(٤) مسلم، برقم ٣٨٤، وتقدم تخريجه.
(٥) البخاري، معلقًا مجزومًا به، كتاب التفسير، سورة الأحزاب، باب قوله: ﴿إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ قبل الحديث رقم ٤٧٩٧.
1 / 12
عظيم، ومن تركه حرمه، والله المستعان.
٥ - من سأل الله تعالى الوسيلة للنبي ﷺ بعد الأذان، حلت له شفاعته، ووجبت له، ونالته (١)؛ لحديث عبد الله بن عمرو المذكور آنفًا، وفيه: «ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة» (٢).
٦ - من سأل الله تعالى للنبي ﷺ: أن يبعثه مقامًا محمودًا وجبت له شفاعة النبي ﷺ؛ لحديث جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم ربَّ هذه الدَّعوة التامّة والصلاة القائمة آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة» (٣).
٧ - ثواب من قال مثل ما يقول المؤذن يقينًا، عن أبي هريرة ﵁، قال: كُنَّا مع رسول الله ﷺ، فقام بلال ينادي، فلما سكت قال رسول الله ﷺ: «من قال هذا يقينًا دخل الجنة» (٤).
٨ - إجابة دعوة مجيب المؤذن؛ لحديث عبد الله بن عمر ﵄: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله ﷺ: «قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تُعطه» (٥).
٩ - لا يردُّ الدعاء عند النداء، وتفتح أبواب السماء؛ لحديث سهل بن سعد ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء،
_________
(١) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٢٨.
(٢) مسلم، برقم ٣٨٤، وتقدم تخريجه.
(٣) البخاري، برقم ٦١٤، وتقدم تخريجه.
(٤) النسائي، كتاب الأذان، باب القول مثل ما يقول المؤذن [و] ثواب ذلك، برقم ٦٧٣، وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي، ١/ ٢٢١، وصححه في صحيح الترغيب، ١/ ٢١٨.
(٥) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا سمع المؤذن، برقم ٥٢٤، وقال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ١٥٧: «حسن صحيح».
1 / 13
وقلما تُردُّ على داعٍ دعوته: عند حضور النداء (١)، والصف في سبيل الله»، وفي لفظ، قال: «ثنتان لا تُرَدَّان - أو قلّما تُرَدَّان-: الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يُلحم بعضهم بعضًا» (٢).
١٠ - الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة؛ لحديث أنس ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «الدعوة لا ترد بين الأذان والإقامة، فادعوا»، وفي لفظ أبي داود: «لا يردُّ الدعاء بين الأذان والإقامة» (٣).
١١ - مجيب المؤذِّن متَّبعٌ للنبي ﷺ في هذه السنة العظيمة، ممتثل لأمره، يُرجى له الهداية، ويرجى أن يدخل في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ (٤).
١٢ - مجيب المؤذن يرجو الله واليوم الآخر، ويذكر الله كثيرًا؛ لأنه اتخذ النبي ﷺ أسوةً له، قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيرًا﴾ (٥).
١٣ - فضل الله تعالى ورحمته على عباده؛ فالأذان عبادة جليلة، ولن يدركها ويدرك فضلها كل أحد، فعوِّض من لم يؤذن بالإجابة؛ ليحصل على أجر الإجابة (٦).
_________
(١) قال الألباني في صحيح الترغيب، ١/ ٢٢٥: «هذا اللفظ «النداء» هو الذي تشهد له الأحاديث الأخرى ... دون لفظ «حين تقام الصلاة» ... وهذا الحين ليس وقتًا للدعاء، وإنما لتسوية الصفوف ...».
(٢) أبو داود باللفظ الثاني، كتاب الجهاد، باب الدعاء عند اللقاء، برقم ٢٥٤٠، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ١٠٨، وابن خزيمة، ١/ ٢١٩، برقم ٤١٩، والحاكم، ١/ ١٩٨،
٢/ ١١٣، والبيهقي، ١/ ٤١٠، و٣/ ٣٦٠، والطبراني في الكبير، ٦/ ٥٧٥٦، وصححه الألباني أيضًا لغيره، في صحيح الترغيب والترهيب، ١/ ٢٢٤.
(٣) أبو داود، برقم ٥٢١، والترمذي، برقم ٢١٢، ورقم ٣٥٩٤، وتقدم تخريجه.
(٤) سورة النور، الآية: ٥٤.
(٥) سورة الأحزاب، الآية: ٥٦.
(٦) توضيح الأحكام من بلوغ المرام، للبسام، ١/ ٤٢١.
1 / 14
المبحث الرابع: فوائد إجابة النداء
فوائد إجابة المؤذن بالقول كثيرة لا تحصر، ولكن منها الفوائد الآتية:
١ - قوله ﷺ: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن»، قال الحافظ ابن حجر ﵀: «قوله: «ما يقول» قال الكرماني: قال: «ما يقول» ولم يقل مثل ما قال؛ ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة، مثل كلمتها»، ثم قال: «قلت والصريح في ذلك ما رواه النسائي من حديث أم حبيبة: «أنه ﷺ كان يقول كما يقول المؤذن حتى يسكت» (١) «فلو لم يجاوبه حتى فرغ استحب له التدارك إن لم يطل الفصل» (٢).
٢ - ما دل عليهّ حديث عمر بن الخطاب ﵁ -، وفيه: «... ثم قال: «حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله» (٣)، وحديث عثمان، وفيه أنه لما قال المؤذن: حي على الصلاة، قال عثمان ﵁: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال: هكذا سمعنا نبيكم ﷺ يقول» (٤)، وهذان الحديثان يدلان على أنه يستثنى من القول
_________
(١) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩١. والحديث أخرجه أحمد، ٦/ ٣٢٦، وابن ماجه، برقم ٧١٩، وابن خزيمة، ١/ ٢١٥، برقم ٤١٢، وقال محققو المسند، ٤٤/ ٣٥٠، برقم ٢٦٧٦٧: «صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف ...».
(٢) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ٢/ ٩١: «قاله النووي في شرح المهذب، بحثًا».
(٣) مسلم، برقم ٣٨٥، وتقدم تخريجه.
(٤) البخاري، كتاب الأذان، باب ما يقول إذا سمع المنادي، برقم ٦١٣.
1 / 15
مثل ما يقول المؤذن: «حيّ على الصلاة، وحيّ على الفلاح»، فيقول بدلهما: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (١)، قال الإمام النووي ﵀: «حديث أبي سعيد: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» عام مخصوص؛ لحديث عمر: أنه يقول في الحيعلتين: «لا حول ولا قوة إلا بالله» (٢).
قال الإمام ابن الملقن ﵀: «والمناسبة في جواب الحيعلة بالحوقلة: أن الحيعلة دعاء، فلو قالها السامع لكان الناس كلهم دعاة، فمن يبقى المجيب؟ فحسن من السامع الحوقلة؛ لأنها تفويض محض إلى الله ﷾» (٣).
٣ - دل حديث عمر بن الخطاب ﵁: أن المشروع للمسلم أن يقول بعد تشهد المؤذن مثل قول المؤذن: فإذا قال المؤذن: «أشهد أن لا إله إلا الله»؛ فإن المتابع للمؤذن يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله» يكررها مرتين مثل قول المؤذن، فإذا قال: «أشهد أن محمدًا رسول الله» قال المجيب: «أشهد أن محمدًا رسول الله» يكررها مرتين مثل قول المؤذن» (٤).
ودلّ حديث سعد بن أبي وقاص ﵁: أن مجيب المؤذن يقول بعد انتهائه من إجابة المؤذن عند الشهادتين، يقول بعد ذلك: «وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا،
_________
(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩١.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٢٩، وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، ٢/ ٤٧١.
(٣) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، ٢/ ٤٧١.
(٤) مسلم، برقم ٣٨٥، وتقدم تخريجه.
1 / 16
وبمحمد رسولًا، وبالإسلام دينًا ...» (١).
وقد ذُكِرَ موضع هذا الذكر، وأنه بعد الشهادتين: في رواية ابن خزيمة في صحيحه، وفيه: أن رسول الله ﷺ قال: «من سمع المؤذن يَتَشَهَّد ...»، وفيه: «... فقال: «أشهد أن لا إله إلا الله ...» الحديث (٢)، وهكذا سمعت شيخنا ابن باز ﵀ يقرر أن قول هذا الذكر بعد انتهاء المؤذن من الشهادتين، وكذا رجحه العلامة محمد بن صالح العثيمين (٣).
٤ - ظاهر حديث جابر ﵁: «من قال حين يسمع النداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلّت له شفاعتي يوم القيامة» (٤): أنه يقول هذا الذكر حال سماع الأذان، ولا يتقيد بفراغه، ولكن قد بين المراد من حديث جابر، حديث عبد الله بن عمرو؛ فإنه قال فيه: «إذا سمعت المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ؛ فإنه من صلَّى عليّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة» (٥).
فدل هذا الحديث أن حديث جابر: «اللهم رب هذه الدعوة التامة ...» يقال بعد الفراغ من الأذان بعد الصلاة على النبي ﷺ. قال الحافظ ابن
_________
(١) مسلم، برقم ٣٨٦.
(٢) صحيح ابن خزيمة، ١/ ٢٢٠.
(٣) انظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين، ١٢/ ١٩٤.
(٤) البخاري، برقم ٦١٤، وتقدم تخريجه.
(٥) مسلم، برقم ٣٨٤، وتقدم تخريجه.
1 / 17
حجر ﵀: «وقد بين حديث عبد الله بن عمرو المراد، وأن الحين محمول على ما بعد الفراغ ...» (١).
٥ - إجابة المؤذن تدل على عظيم الرغبة في الفوز بالفلاح، فإن معنى: «حيَّ على الصلاة، حي على الفلاح» معنى عظيم، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: «ومعنى حيَّ على كذا: أي تعالوا إليه، والفلاح: الفوز، والنجاة، وإصابة الخير، قالوا: وليس في كلام العرب كلمة أجمع للخير من لفظة الفلاح ... فمعنى حيَّ على الفلاح: أي تعالوا إلى سبب الفوز، والبقاء في الجنة، والخلود في النعيم ...» (٢).
٦ - إجابة المؤذن، بـ: «لا حول ولا قوة إلا بالله» فيها الالتجاء إلى الله تعالى، واعتماد القلب عليه، فلا حول ولا قوة للعبد إلا به سبحانه، قال الإمام النووي ﵀: «قال أبو الهيثم: الحول الحركة، أي لا حركة ولا استطاعة، إلا بمشيئة الله ... وقيل: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل: لا حول عن معصيته إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود ﵁» (٣).
وقال الحافظ ابن حجر ﵀: «وقال الطيبي: معنى الحيعلتين: هلُمَّ بوجهك وسريرتك إلى الهدى عاجلًا، والفوز بالنعيم آجلًا، فناسب أن يقول هذا أمر عظيم لا أستطيع مع ضعفي القيام به إلا إذا وفقني الله
_________
(١) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩٤، وشرح النووي، ٤/ ٣٢٩.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
(٣) المصدر السابق، ٤/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
1 / 18
بحوله وقوّته» (١).
٧ - الوسيلة: المنزلة عند الملك (٢)، وهي منزلة للنبي ﷺ في الجنة، من سألها للنبي ﷺ حلت له الشفاعة، أي وجبت له، وقيل: نالته الشفاعة (٣)، والوسيلة: ما يتقرب به إلى الكبير، وتطلق على المنزلة العليَّة، ويقال: توسلت: تقربت، والواصل إلى تلك المنزلة قريب من الله، وهي عَلَمٌ على أعلى منزلة في الجنة، وهي منزلة رسول الله ﷺ وداره، وهي أقرب أمكنة الجنة إلى عرش الرحمن ﷾ (٤).
٨ - الأعمال يشترط لها القصد والإخلاص، لقوله ﷺ: «... ثم قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» (٥).
٩ - «الدعوة التامة»:دعوة التوحيد، كقوله تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ﴾ (٦)، وقيل: لدعوة التوحيد تامة؛ لأن الشِّرْكَ نقصٌ، أو التامة: التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور، أو لأنها هي التي تستحق صفة التمام، وما سواها فمعرَّضٌ للفساد، وقال ابن التين: وصفت لأن فيها أتم القول: «لا إله إلا الله»، وقال الطيبي: من أوله [أي الأذان] إلى
_________
(١) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩٢.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٢٨.
(٣) المصدر السابق، ٤/ ٣٢٨.
(٤) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩٥، والروض المربع، ١/ ٤٥٧، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، ١/ ٤٥٧.
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم، ٤/ ٣٢٩.
(٦) سورة الرعد، الآية: ١٤.
1 / 19
قوله: «محمد رسول الله» هي الدعوة التامة (١)، وقيل: الدعوة التامة: هي الأذان، والتامة: أي الكاملة السالمة من كل نقص يتطرق إليها؛ لكمالها وعظم موقعها؛ لاشتمالها على تعظيم الله وتوحيده، والشهادة بالرسالة والدعوة إلى الخير (٢).
١٠ - «الصلاة القائمة»: الحيعلة: هي الصلاة القائمة في قوله: ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة الدعاء، وبالقائمة: الدائمة، مِنْ قام على الشيء إذا داوم عليه، وعلى هذا فقوله: «والصلاة القائمة»: بيان للدعوة التامة، ويحتمل أن يكون المراد بالصلاة: الصلاة المعهودة المدعو إليها حينئذ، وهو أظهر (٣). وقيل: الصلاة القائمة: التي ستقوم وتُفْعَل بصفاتها (٤).
١١ - الفضيلة: المرتبة الزائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى، أو تفسيرًا للوسيلة (٥).
وأما ما يقوله بعض الناس: «والدرجة الرفيعة» فيما يقال بعد ذكر الفضيلة فقال السخاوي: «وأما الدرجة الرفيعة فيما يقال بعد الأذان، فلم أره في شيء من الروايات» (٦).
١٢ - مقامًا محمودًا: أي يُحمد القائم فيه، أي: ابعثه يوم القيامة فأقمه
_________
(١) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩٥.
(٢) انظر: الروض المربع، ١/ ٤٥٧، والشرح الممتع، لابن عثيمين، ٢/ ٧٩.
(٣) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٩٥.
(٤) الروض المربع، ١/ ٤٥٧.
(٥) نقله ابن قاسم في حاشيته على الروض المربع، ١/ ٤٥٨.
(٦) المصدر السابق، ١/ ٤٥٨.
1 / 20