أصل الإعراب
أكب النحاة على درس الإعراب وقواعده فوق ألف عام، لا يعدلون به شيئا، ولا يرون من خصائص العربية ما ينبغي أن يشغلهم دونه، وألفوا فيه الأسفار الطوال، وأكثروا من الجدل والمناقشة في تعليله وفلسفته، حتى تركوا نحو العربية أوسع الأنحاء أسفارا وتأليفا وفلسفة وجدلا، فماذا بلغوا من كشف سر الإعراب وبيان حقيقته؟
أساس كل بحثهم فيه أن «الإعراب أثر يجلبه العامل»، فكل حركة من حركاته، وكل علامة من علاماته، إنما تجيء تبعا لعامل في الجملة - إن لم يكن مذكورا ملفوظا، فهو مقدر ملحوظ - ويطيلون في شرح العامل وشرطه ووجه عمله، حتى تكاد تكون نظرية العامل عندهم هي النحو كله.
أليس النحو هو الإعراب، والإعراب أثر العامل؟! فلم يبق إذن للنحو إلا أن يتتبع هذه العوامل، يستقرئها ويبين مواضع عملها، وشرط هذا العمل؛ فذلك كل النحو.
وعلى هذا ألفت كتب تجمع قواعد النحو بعنوان «العوامل»؛ فألف الإمام أبو علي الفارسي المتوفى سنة 377 كتاب العوامل ومختصره؛ وألف الشيخ عبد القادر الجرجاني المتوفى سنة 471 كتاب «العوامل المائة»، وهو باق بأيدينا، محيط بقواعد النحو، جعل منهاجا للتعليم زمنا، وتوفر الناس على درسه وشرحه، كما جعلت ألفية ابن مالك إلى هذا العهد.
ودونوا للعامل شروطا وأحكاما هي عندهم فلسفة النحو، وسر العربية، سنجمع هنا من كلامهم ومن ثنايا أدلتهم وحججهم ما يشرح لك أصول نظرياتهم في العامل. قالوا: (1)
كل علامة من علامات الإعراب فهي أثر لعامل، إن لم تجده في الجملة وجب تقديره، وقد يكون هذا العامل واجب الحذف لا يصح أن ينطق به في كلام، ولكنه من المحتوم أن يقدر، وقد يقدر في الجملة عاملان مختلفان كما في: إياك والأسد.
1
وسقيا
2
ناپیژندل شوی مخ