الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول
الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول
ژانرونه
وإذا تقرر عندك ما قررناه وثبت لديك ما حكيناه عن الجميع وأيدناه بما نقلناه فقد ظهر لك أن المعترض خاطب ليل فيما أتى به من تفصيله الذي زعم أنه لابد من ذكره ، وذلك لأنه غفل إن كون الرد والقبول راجعين إلى هذه القاعدة المقررة بين كل من الفريقين وأنه لا يكفي رد الرواية ، مجرد كون الراوي لها بدعيا داعية إلى بدعته ، بل لابد مع ذلك من أن تكون الرواية التي رواها مقوية لبدعته ، ولذا لم يرد المخالفون من أهل الحديث وغيرهم رواية مثل قتادة رضي الله عنه ، مع أنه كان مشتهرا بمذهب المعتزلة وداعيا إليه بالاتفاق فلم يردوا جميع ما ثبت من روايته بل إنما ردوا أشياء منها ، وجعلوا الحط فيها على غيره بزعمهم ، وقد خفي مثل هذا على من توهم أن مدار رد رواية المبتدع على كون الرواية عنه تقتضي التنويه به وتعظيمه ورفع شأنه وهو لا يجوز ، وهذا خبط ليس من مرادهم ، وكما خفي هنا على مثل المعترض خفي عليه أيضا إن المؤلف رحمه الله تعالى لا يرد الروايات التي يراها الخصم صحيحة إلا إذا كانت مقوية لبدعة عنده ، وفي اعتقاده ، وكان الراوي لها هو خصمة الذي هو صاحب تلك البدعة والداعي إليها كأحاديث الروية والأحاديث التي رواها الخصم في الاستدلال على الجبر وخلق الأفعال كما صنع البخاري ، حتى صنف في خلق الأفعال مصنفا ، وتمسك في ذلك بما رواه هو وأمثاله من أهل هذا المذهب الذي هو عند المؤلف وغيرهم ن العدلية عين البدعة ، ومحض الضلالة وكذلك البيهقي صنف مصنفا في العدد واعتمد في إثبات مطلوبه ومذهبه على الأحاديث التي رواها هو ومشائخه المجبرة الدعاة إلى مذهب الجبر وما كثر الزيف والوضع في الأحاديث إلا بهذا السبب ، ونحوه؛ لأ ، النفوس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
وهذا جار في الجانبين وواقع في حق الفريقين لا اختصاص لأحد به فإن كلا يزعم أنه هو الموافق للسنة وأن المبتدع هو خصمه وكفاك التزامي بينهم بالقدرية وبالتجهم وغير ذلك من البدع التي يروم كل من الفريقين أن يلصقها بخصمه ويلطخه بقذرها ، وهي لاصقة بالمنجاة بسماتها الآتية إنشاء الله تعالى .
قال الذهبي في ترجمة أحمد بن عبدالله أبي نعيم الأصفهاني ما نصه: كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به ولا سيما إذا لاح لك أنه أحمد أو لمذهب ، ولحسده لا ينجو منه الأ/ر عصمه الله تعالى ، قال: وما علمت أن عصرا من الأعصار سلم أ÷له من ذلك سورة الأنبياء والصديقين ولو بينته لسردت من ذلك كراريس . انتهى، وهو كلام صحيح .
فليت أنه جرى عليه وترك تعصبه الظاهر والقدح علىمن هو خيرمنه ، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
مخ ۲۰۵