270

وعطل السنن واتخذ الدنيا أما وأبا وعباد الله خولا وماله دولا ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكا فتمتع منه قليلا وكان قد انقطع عنه فاتخم لذته وبقيت عليه تبعته وكان كما قال الله تبارك وتعالى ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) ( متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون. ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ) وأومى بيده إلى معاوية ثم قام فانصرف فقال معاوية لعمرو والله ما أردت إلا شيني حين أمرتني بما أمرتني والله ما كان يرى أهل الشام أن أحدا مثلي في حسب ولا غيره حتى قال الحسن عليه السلام ما قال قال عمرو وهذا شيء لا يستطاع دفنه ولا تغييره لشهرته في الناس واتضاحه فسكت معاوية

وروى الشعبي أن معاوية قدم المدينة فقام خطيبا فقال أين علي بن أبي طالب؟

فقام الحسن بن علي فخطب وحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

إنه لم يبعث نبي إلا جعل له وصي من أهل بيته ولم يكن نبي إلا وله عدو من المجرمين وإن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله من بعده وأنا ابن علي وأنت ابن صخر وجدك حرب وجدي رسول الله وأمك هند وأمي فاطمة وجدتي خديجة وجدتك نثيلة فلعن الله ألأمنا حسبا وأقدمنا كفرا وأخملنا ذكرا وأشدنا نفاقا فقال عامة أهل المجلس آمين فنزل معاوية فقطع خطبته.

وروي أنه لما قدم معاوية بالكوفة قيل له إن الحسن بن علي مرتفع في أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أنفس الناس وأعينهم فأبى عليهم وأبوا عليه إلا أن يأمره بذلك فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أما بعد أيها الناس فإنكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوا غيري وغير أخي وإنا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية وهو في مقام رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها و ( إن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) وأشار بيده إلى معاوية.

فقال له معاوية ما أردت بقولك هذا؟

فقال ما أردت به إلا ما أراد الله عز وجل فقام معاوية فخطب خطبة عييبة [ عيية ] فاحشة فسب فيها أمير المؤمنين عليه السلام فقام إليه الحسن بن علي عليه السلام فقال له وهو على المنبر ويلك يا ابن آكلة الأكباد أوأنت تسب أمير المؤمنين عليه السلام وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أدخله الله نار جهنم خالدا فيها مخلدا وله عذاب مقيم.

ثم انحدر الحسن عليه السلام عن المنبر ودخل داره ولم يصل هناك بعد ذلك أبدا

تم الجزء الأول من كتاب الإحتجاج بحمد الله ومنه ويتلوه بمن الله وعونه الجزء الثاني.

مخ ۲۸۲