وقد أعجب بها الخديوي إسماعيل إعجابا عظيما ونفح ڨردي بمائة وخمسين ألف فرنك (أو عشرين ألف دولار)، وهو المبلغ الذي طلبه، ورغم تأخر تمثيل هذه الأوپرا بسبب نشوب حرب السبعين وانقضاء حفلات افتتاح القناة (وكانت دار الأوپرا المصرية قد فتحت في أول نوفمبر سنة 1869م. ومثلت فيها الأوپرا ريجوليتو
Rigoletto
لڨردي)، حيث عطلت الحرب استحضار الملابس المطلوبة لها من فرنسا، فقد نجحت نجاحا باهرا تجاوز كل تخمين أو تقدير، ولما مثلت بعد ذلك على مسرح لاسكالا (La Scala)
بميلان في 7 فبراير سنة 1872م، برعاية ڨردي نفسه أحرزت من إعجاب الجمهور ما استدعى دعوته إلى خشبة المسرح للترحيب به، وأهديت إليه عصا من العاج لقيادة الأركسترا (ivory baton)
كما أهديت إليه حلية نجمية مرصعة بالماس، وقد نقش عليها اسم «عائدة» بالياقوت كما كتب اسمه بالجواهر الأخرى الثمينة!! وقد نالت (عائدة) أيضا ترحيبا كبيرا بها عندما مثلت للمرة الأولى في نيويورك بأكاديمية الموسيقى “Academy of Music”
في 26 نوفمبر سنة 1873م بإشراف الموسيقار ماكس ستراكوش (Max Strakoseh) ، وهكذا ظفرت بغاية الترحيب واستقبلت بكل إكبار في القارات الثلاثة!
ولكن ماذا جنت مصر من هذه الصفقة الباهظة في سبيل إخراج «عائدة»؟ (1)
أما من وجهة النهوض بفن الأوپرا في بلادها، فلم تغنم شيئا رغم غيرة الخديو إسماعيل، وما ذلك إلا لطوارئ الظروف السياسية المعلومة التي عملت فيما بعد كل هذا الزمن الطويل لإطفاء النهضة الوطنية التي أذكاها إسماعيل، ولكن العناية بالتمثيل نشطت بعض النشاط. (2)
ومن وجهة الأدب المسرحي لم تظفر مصر بجديد، فإن (عايدة) لم تترجم ترجمة راقية بل وحرمت من الصياغة الشعرية العربية أو حرم الشعر العربي من تضمينه إياها، وعادت قيمتها الأدبية الشعرية إلى النظم الأوروبي وحده. (3)
ومن الوجهة التاريخية القومية لقد كسبت حقا التنويه الحي بمصر القديمة، فقد أعادت القصة - كما وصفت - الحياة المصرية القديمة في عهد الفراعنة، وأرجعت أمام النظارة عهد طيبة وممفيس ومعبد فتاح ومجد مصر الغابر، ولكن الفخر بذلك عاد طبعا إلى مارييت بك وإلى فرنسا في النهاية. (4)
ناپیژندل شوی مخ