ونتوجه الآن إلى أدلة القائلين بكونها آية، والذاهبين إلى خلافه مع مالها وما عليها .
فنقول: إن القائلين بكونها جزء من السور، استدلوا بوجوه كثيرة :
منها: ما أورده الإمام فخر الدين الرازي في ((تفسيره))، وتبعه من تبعه بقوله: قراءة بسم الله الرحمن الرحيم واجبة في أول الفاتحة، وإذا كان كذلك، وجب أن تكون آية منها(1).
بيان الأول قوله تعالى: { اقرأ باسم ربك } (2)، ولا يجوز أن تكون الباء صلة زائدة، لأن الأصل أن يكون بكل حرف فائدة، وإذا كان هذا الحرف مفيدا، كان التقدير اقرأ مفتتحا باسم ربك، وظاهر الأمر للوجوب، ولم يثبت هذا الوجوب في غير الصلاة، فتعين أن يكون في الصلاة. انتهى .
قلت: لا يخفى عليك ما فيه من الضعف، فإن وجوب البسملة في الصلاة ممنوع عند(3) الخصم، كما مر .
وقوله تعالى: { اقرأ باسم ربك } لا يوجب إلا مطلق الذكر لا خصوص هذه الألفاظ .
ولو سلم وجوبها، فقوله: وإذا كان كذلك، فإنه(4) ممنوع لجواز أن تكون واجبة مع عدم كونها من القرآن، نعم لو ثبت أن كل ما وجب في الصلاة من قبيل الأقوال، فهو من القرآن ، لتم الكلام وإذ ليس فليس.
ولو سلم أن وجوبها في الصلاة يستلزم كونها من القرآن، لكنا لا نسلم كونها جزء من الفاتحة، فيجوز أن تكون من القرآن من غير الجزئية، كما ذهب إليه محققوا أصحابنا .
مخ ۲۹