وأما المفتي من حيث هو مفتٍ فليس له أن يُنشئ حكمًا على الوجه الذي فُوضَ للحُكَّام - كما تقدم بيانُه - (١) ألبتَّةَ في صُورةٍ من الصُّورَ، فلا يكون له النَّقضُ في صُورة من الصُّوَر، وما هو إِلَّا مِثلُ أنَّ المرأة ليس لها أن تُزوِّج نفسَها في صُورة من الصُّور، فليس لها الطلاق في صُورة من الصُّوَر. وبهذا يَظهر لك أن جميع ما يَصدر من المفتي إِنما هو فُتيا، لا نقضٌ ولا حُكمٌ بالمعنى المفوض إِلى الحكام، وإِن كان حكمًا شرعيًا بالتفسيرِ باعتبار استقراءِ الأدلة الشرعية كالمترجِمِ عن الحاكم، كما تقدَّم تقريره في الفرق بين المفتي والحاكم (١)، وأنَّ الحاكمَ منشئ والمفتيَ مترجِم.