ایغوا تاورنیک
إغواء تافرنيك
ژانرونه
الفصل الثالث
لقاء مزعج
كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشرة والربع وكانت المسارح تسرح حشودها الليلية المعتادة. وكانت أكثر الطرق ازدحاما بالبشر في أي مدينة من مدن العالم العظيمة في أفضل حالاتها وأكثرها إشراقا. وراح حاجبو المسارح في أزيائهم الرسمية في كل مكان يطلقون صفاراتهم، بينما امتلأت الشوارع بالمركبات التي تتحرك ببطء، وكانت الأرصفة تنبض بالحياة. انجرف الحشد الصغير الذي تجمع أمام الصيدلية بعيدا. ففي نهاية الأمر لم يكن أحد منهم يعرف بالضبط ماذا كانوا ينتظرون. كانت ثمة شائعة بأن امرأة قد أغمي عليها أو وقع لها حادث. وبالتأكيد نقلت إلى الصيدلية وإلى داخل الغرفة الداخلية التي كان بابها لا يزال موصدا. وتجمع عدد قليل من المارة معا وحدقوا النظر بإمعان وانتظروا بضع دقائق، لكنهم في النهاية فقدوا الاهتمام وذابوا وسط الحشود. إنه مشهد لأحد الطرق المزدحمة بالبشر، كان هذا الطريق حقا إحدى نبضات المدينة العظيمة التي يدق قلبها ليلا ونهارا لمآسي الحياة. كان مساعد الصيدلي، يخدم اثنين من الزبائن العارضين بلا اكتراث من وراء منضدة البيع. وعلى بعد بضع ياردات فقط، خلف الباب المغلق، كان الصيدلي نفسه وطبيب استدعي على عجل يصارعان من أجل إنقاذ حياة الفتاة التي ترقد على الأرض، مصدرة تأوهات خافتة بين الحين والآخر من شفتيها الزرقاوين.
شعر تافرنيك بعبء ضخم يثقل كاهله وهو يقف بلا حول ولا قوة أثناء هذا الصراع الرهيب؛ ولذا فقد تسلل بهدوء من الغرفة بمجرد أن همس الطبيب بأن الأزمة الحادة قد انتهت، ومر عبر الصيدلية خارجا إلى الشارع، ووقف شاردا مذهولا بين الحشود النابضة بالحياة. حتى في تلك اللحظات القاتمة، كانت فرديته تتحدث إليه. كان متحيرا من تصرفه هو نفسه وطرح على نفسه سؤالا - ليس بندم في واقع الأمر، ولكن بنوع من الفضول واستكشاف الذات الحقيقي - كما لو كان، من خلال تركيز عقله على تصرفاته الأخيرة، سيكون قادرا على فهم الدوافع التي أثرت فيه. لماذا اختار أن يثقل كاهل نفسه برعاية هذه الشابة اليائسة؟ لنفترض أنها عاشت، ماذا سيحدث لها؟ لقد تحمل مسئولية محددة فيما يتعلق بمستقبلها؛ لأنه مهما كان ما فعله الطبيب ومساعده، فقد كانت سرعة استجابته وحضور ذهنه هما اللذين منحاها فرصتها الأولى في الحياة. بدون شك، لقد تصرف بحماقة. لماذا لا يختفي في الحشود وينتهي من هذا الأمر؟ ماذا يعنيه، رغم كل شيء، أن تعيش الفتاة أو تموت؟ لقد أدى واجبه ... بل أكثر من واجبه. لماذا لا يختفي الآن ويدعها تجرب حظها؟ تحدث إليه عقله بصوت عال، وراحت مثل هذه الخواطر تتوارد إلى ذهنه.
مع ذلك، ولأول مرة في حياته، احتل عقله مكانة ثانوية. كان يعرف جيدا، حتى أثناء استماعه إلى هذه الأصوات، أنه كان يعد الدقائق حتى يستطيع أن يعود . بعد أن قرر تماما أن السبيل الوحيد المعقول أمامه للمتابعة هو أن يعود إلى المنزل ويترك الفتاة لقدرها، وجد نفسه داخل الصيدلية في غضون ربع ساعة. كان الصيدلي قد خرج للتو من الغرفة الداخلية ووقف ينظر إليه وهو يدخل.
قال: «ستنجو الآن.»
أومأ تافرنيك برأسه. كان مندهشا من إحساسه بالراحة.
أعلن: «يسعدني ذلك.»
انضم إليهما الطبيب وكانت حقيبته السوداء في يده استعدادا للمغادرة. قدم نفسه إلى تافرنيك باعتباره الشخص المسئول.
قال: «ستكون الفتاة بخير الآن، لكنها قد لا تكون على طبيعتها يوما أو يومين. لحسن الحظ، ارتكبت الخطأ المعتاد الذي يرتكبه الناس الذين يجهلون الدواء وآثاره ... مع أنها تناولت سما يكفي لقتل أسرة بأكملها.» وأضاف بطريقة جافة: «كان من الأفضل أن تعتني بها أيها الشاب. ستواجه مشكلة إذا أقدمت على هذا الفعل مرة أخرى.»
ناپیژندل شوی مخ