بسم الله الرحمن الرحيم الافتتاح: ١ - ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٠]. ٢ - عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا، فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟! قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين"، أخرجه البخاري ومسلم. ٣ - وعن أبي بن كعب ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا، فأحسنها وأكملها وأجملها، وترك موضع لبنة، فجعل الناس يطوفون بالبناء ويعجبون منه، ويقولون: لو تم موضع تلك اللبنة، وأنا في النبيين موضع تلك اللبنة" أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. ٤ - وروى الشيخان عن جابر بن عبد الله ﵁ نحوه، وزاد مسلم في روايته: "فأنا موضع اللبنة، جئت فختمت الأنبياء". ٥ - وجاء في المزمور الثامن عشر بعد المائة من مزامير داود: ٢٢ - الحجر الذي رفضه البناءون، قد صار رأس الزاوية.

1 / 5

٢٣ - من قِبَل الرب كان هذا، وهو عجيب في أعيننا. وفي الترجمات القديمة: الحجر الذي أخَّره البناءون، صار حجر الزاوية. ٦ - وجاء في إنجيل متى ٢١/ ٤٢ ومرقس ١٢/ ١٠ - ١١ ولوقا ٢٠/ ١٧: قال لهم يسوع: أما قرأتم قط في الكتب: الحجر الذي رفضه البناءون، هو قد صار رأس الزاوية. من قبل الرب كان هذا. وهو عجيب في أعيننا. متى ٢١/ ٤٣: لذلك أقول لكم: إن ملكوت الله يُنزع منكم، ويُعطى لأمة تعمل أثماره. وفي ترجمة دار الكتاب المقدس سنة ١٩٨٠: لذلك أقول لكم: سيأخذ الله ملكوته منكم، ويسلمه إلى شعب يجعله يثمر. متى ٢١/ ٤٤ ولوقا ٢٠/ ١٨: من سقط على هذا الحجر ترضض -وفي ترجمة دار لكتاب: تهشم- ومن سقط هو عليه سحقه.

1 / 6

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة: الحمد لله الذي أكرمنا بالإيمان، وأعزنا بالإسلام، وأنعم علينا بنبيه محمد ﷺ فهدانا من الضلال، وجمعنا من الشتات، وأغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وتتضمن الأمر بالعدل والإحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر. نسأل الله سبحانه أن يهدينا إلى الحق، وأن يثبتنا عليه، وأن يرزقنا شكره على ذلك. أما بعد، فإن الانتقال من دين إلى دين ليس بالأمر العادي في صعوبته. والعاقل يحسب ألف حساب قبل أن يقدم على تبديل دينه، ولا سيما إذا كان قومه قد عودوه منذ الصغر على الاستعلاء والتعصب لعرقه واحتقار الآخرين ودياناتهم، بل عودوه على الحقد والكراهية لغير بني جنسه أو مذهبه كاليهود ومن لف لفهم. لكن إذا صدع الحق قلبه، وولج فيه، فإنه يقدم على ذلك غير مبالٍ ولا هياب؛ لأنه يريد أن ينقذ نفسه باتباع الحق، ليس في هذه الحياة فحسب، بل في الحياة الآخرة التي لا نهاية لها. وكلامي هذا لا يشمل الذين يغيرون دينهم لغرض دنيوي أو هوى أو حاجة استُغلوا من أجلها. فمن يُغرى بالمناصب ونحوها، أو تستغل فاقته ومرضه، كما يفعل دعاة النصرانية اليوم، لا يوصف بأنه بدل دينه؛ لأنه فريسة، ولأن عملهم ضرب من التلصص الروحي. بل إنما ينصب كلامي على العقلاء والمفكرين، وبخاصة علماء الدين، الذين يفكرون فيما اختاروه من دين وعقيدة سنوات، ثم يقدمون على ما رأوا من الحق غير عابئين بما

1 / 7

يخسرون من مادة ومكانة، ولا بما قد يصيبهم من تحامل وضرر. فيقدمون فرحين على اعتناق الحق الذي رأوه، ثم يبينون ويعلنون سبب دخولهم في دين الله، ويصبحون من الذابين عنه أكثر ممن وُلد من أبوين مسلمين. وكثير من مفكري أهل الكتاب دخلوا في دين الإسلام رغبة في اتباع الحق بعد دراسة عميقة وتدبر لهذا الدين، انقشعت فيها الشبهات والتشويهات، وتجلت فيها الحقائق الثابتة، فكان إيمانهم عن رغبة وعلم ومعرفة. وكانت البشارات بهذا النبي الكريم ﷺ في كتبهم المقدسة، وذكر أوصافه وأوصاف أمته من أكبر العوامل الداعية لهم للدخول في دين الإسلام. فمن النصارى الذين اعترفوا بنبوة محمد ﷺ ودخلوا في دينه القس الأسباني إنسلم تورميدا. فقد ترك التثليث وأقبل على التوحيد تاركا المكانة الدينية التي بلغها. سافر إلى تونس في القرن الثامن الهجري، وسمى نفسه عبد الله، وأضيف إليه لقب الترجمان لاشتغاله بالترجمة. ألف كتابا سماه "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب" ذكر فيه سبب إسلامه والدوافع التي أدت به إلى ترك التثليث. وفي عصرنا الحاضر اعتنق الإسلام الطبيب والعالم الفرنسي موريس بوكاي الذي درس الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، واستطاع أن يثبت بالأدلة العلمية أن القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الوحيد الذي خلا من التحريف والتبديل، وقد تضمن حقائق علمية أتى الزمان مترجما لها. ثم صنف في ذلك كتابا سماه "القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم" صدر باللغة الفرنسية، ثم ترجم بعد ذلك إلى العربية وغيرها. وكذلك العالم المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جيرودي المعروف بكثرة مقالاته ودفاعه عن الإسلام. بل إن له نظرات ثاقبة في فهم بعض الآيات والأحاديث مما يدل على الإيمان العميق والعلم والمعرفة.

1 / 8

والشاهد في ذلك أن هؤلاء وأمثالهم من مفكري الغرب وعلمائه، إنما يعتنقون الإسلام رغبة في اتباع الحق، وهم مَن هم في بلادهم من العلم والفكر والثقة. أما اليهود الذين يصعب زحزحة أحدهم عن دينه لما أشرب منذ نعومة أظفاره من نظريات عرقية ودينية تجعله يتعالى على سائر بني البشر، فقد آمن منهم في القديم وصدَّق بنبوة محمد ﷺ عبد الله بن سلام ومخيريق وكعب الأحبار وغيرهم. وما زال علماء منهم يدخلون في دين الله على مرور الزمن. ففي عهد السلطان "بيازيدخان" اعتنق حبر من أحبار اليهود الإسلام، وتسمى بعبد السلام، وألف رسالة سماها "الهادية" ذكر فيها كثيرًا من بشارات التوراة بالنبي الأمي صلى الله عليه وسلم١. ومن اليهود السامريين الذين اعترفوا بنبوة محمد ﷺ ولم يدخلوا في دين الله الكاهن أبو الفتح بن أبي الحسن السامري الدنفي مؤلف كتاب "التاريخ مما تقدم عن الآباء"، فقد كتب فيه عن محمد ﷺ ما هو حق وعدل وإنصاف. ومن ذلك ما يلي: "ومحمد ما أساء إلى أحد من أصحاب الشرائع ... وأقام في المملكة عشر سنين، وكل العالم طائعون له. ومنه انتقلت مملكته إلى أقاربه بني أمية على ما أوصاهم، ولم يزيدوا، ولم ينقصوا، ولا أساءوا إلى أحد قط"٢. غير أن با الفتح أخطأ النجعة. فإن محمدًا ﷺ ليس بملَك، وإنما هو نبي مجاهد مطاع في أصحابه. ثم إن الحكم من بعده لم ينتقل إلى بني أمية. بل صار أولا إلى خلفائه الراشدين أبي بكر فعمر فعثمان فعلي ﵃ وهم كلهم من قريش، ليس فيهم أموي سوى عثمان ﵁ وبعد مقتل علي ﵁ بايع الناس ابنه الحسن -رضي الله _________ ١ إظهار الحق ص٥٢٨ طبعة قطر. ٢ تقديم التوراة السامرية لأحمد حجازي ص١٩.

1 / 9

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.