وكان قد ورد الكوفة في بعض الأوقات، واجتمع معه هناك في دار محمد بن منصور: أحمد بن عيسى بن زيد فقيه آل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وعابدهم، وعبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن الفاضل الزاهد، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد، وكانت فضيلة السبق إلى منابذة الظالمين والامتناع من بيعتهم وترك متابعتهم والانقياد لهم إنتهت إلى هؤلاء من جملة أعيان العترة، فاختاروا القاسم عليه السلام للإمامة وقدموه على أنفسهم، وقالوا له: أنت أحقنا بهذا الأمر لفضل علمك، وبايعوه، وذلك في سنة عشرين ومائتين.
حدثني أبو العباس رحمه الله قال: سمعت أبا زيد عيسى بن محمد العلوي رحمه الله يقول: قلت لمحمد بن منصور: الناس يقولون: إنك لم تستكثر من القاسم عليه السلام. قال: بلى، صحبته فيما كنت أقع إليه خمسا وعشرين سنة، فقلنا له: إنك لست تكثر الرواية عنه، قال: كأنكم تظنون أنا كلما أردنا كلمناه، من كان يجسر على ذلك منا !؟ ولقد كان له في نفسه شغل، كنت إذا لقيته لقيته كأنما ألبس حزنا.
وحدثني عن جده الحسن بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الفارسي وكان خادم القاسم عليه السلام وملازمه في السفر والحضر، قال: دخلنا معه عليه السلام حين اشتد به الطلب أظنه قال: أوائل بلاد مصر فانتهى إلى خان، فاكترى خمس حجر متلاصقات، فقلت له يا بن رسول الله نحن في عوز من النفقة وتكفينا حجرة من هذه الحجر، ففرغ حجرتين عن اليمين وحجرتين عن اليسار، ونزلنا معه الوسطى منهن، وقال: هو أوقى لنا من مجاورة فاجر وسماع منكر.
مخ ۹۳