بيعته عليه السلام ونبذ من أخباره ومقتله
استتر عليه السلام بعد قتل الإمام الحسين بن علي الفخي عليه السلام، ودعا إلى بيعته، وبايعه جماعة من أهل الفضل، منهم: يحيى بن مساور، وعامر بن كثير السراج، وسهيل بن عامر البلخي، ومخول بن إبراهيم، وعبد ربه بن علقمة، فطلب موضعا يلتجئ إليه ويتمكن فيه من بث الدعوة، فاختار جبل الديلم بعد أن جال في البلدان مستترا، وبلغ بلاد الترك على ما روي فحصل في جنبة ملك الديلم، وقيل له: لم اخترت بلاد الديلم؟ فقال: إن للديلم معنا خرجة فطمعت أن تكون معي.
وكان هارون يبحث عن أخباره ويتعرف حاله وينفذ العيون والجواسيس ليعرف مستقره، فوقف على أنه حصل في جنبة ملك الديلم مع سبعين من أصحابه، فألزم الفضل بن يحيى التوصل إلى إخراجه من هناك بما يمكن من ضروب الحيل.
وتشدد الفضل في ذلك إزالة للتهمة عن نفسه، فقد كان سعي به إليه في بابه، وقيل: إنه تعرف مكانه في حال استتاره، وأنه كتب له منشورا يعرضه على من تعرض له من أصحاب المسالح والمرتبين في الطريق.
واختلفت الأخبار في الوجوه التي بها تمكن من إخراجه من هناك، وقيل فيه أقوال يطول تقصيها، إلا أن هارون كتب له أمانا وثيقا لا مزيد عليه في التأكيد والإحكام والتوثقة، ولا مساغ فيه للتأويل، فنزل معتمدا على ذلك الأمان بعد أن كان الأظهر من أمره أنه يسلم إن لم يستجب للنزول، لأن امرأة ملك الديلم كانت مستولية عليه وأشارت بذلك فزعا من أن يقصدوا.
وامتد إلى بغداد فأعطاه هارون مالا عظيما وأقام عنده، ثم خرج إلى المدينة، واختلفت الأخبار في خروجه، فروي أنه استأذنه في ذلك فأذن له، وروي أن الفضل أذن له ولم يستأذن هارون فيه وأنه حقد على الفضل ذلك، فكان هذا أحد أسباب نكبة البرامكة.
مخ ۷۹