اسلامي اداره په عربانو کې د ځواک په وخت کې
الإدارة الإسلامية في عز العرب
ژانرونه
والفساد ما قد علم أمير المؤمنين، وبهم من الحاجة إلى تقويم آدابهم وطرائقهم ما هو أشد من حاجتهم إلى أقواتهم التي يعيشون بها. وأهل كل مصر وجند أي ثغر فقراء إلى أن يكون لهم من أهل الفقه والسير والنصيحة مؤدبون مقومون، يذكرون ويبصرون الخطأ، ويعظون عن الجهل، ويمنعون عن البدع، ويحذرون الفتن، ويتفقدون أمور عامة من هو بين أظهرهم حتى لا يخفى عليهم منها مهم، ثم يستصلحون ذلك، ويعالجون على ما استنكروا منه بالرأي والرفق والنصح، ويرفعون ما أعياهم إلى ما يرجون قوته عليهم، مأمونين على سير ذلك وتحصينه، بصراء بالرأي حين يبدو، وأطباء باستئصاله قبل أن يتمكن، وفي كل قوم خواص رجال عندهم على هذا معونة إذا صنعوا لذلك وتلطف لهم، وأعينوا على رأيهم، وقووا على معاشهم ببعض ما يفرغهم لذلك ويبسطه لهم. وخطر هذا جسيم في أمرين: أحدهما برجوع أهل الفساد إلى الصلاح، وأهل الفرقة إلى الألفة، والأمر الآخر أن لا يتحرك متحرك في أمر من أمور العامة إلا وعين ناصحة ترمقه، ولا يهمس هامس إلا وأذن شفيقة تصيخ نحوه.» قال: «وقد علمنا علما لا يخالطه الشك أن عامة قط لم تصلح من قبل أنفسها، ولم يأتها الصلاح إلا من قبل خاصتها، وأن خاصة قط لم تصلح من قبل أنفسها، وأنها لم يأتها الصلاح إلا من قبل إمامها ... فإذا جعل الله فيهم خواص من أهل الدين والعقول ينظرون إليهم، ويسمعون منهم، اهتمت خواصهم بأمور عوامهم، وأقبلوا عليه بجد ونصح ومثابرة وقوة، جعل الله ذلك صلاحا لجماعتهم، وسببا لإصلاح الصلاح من خواصهم، وزيادة فيما أنعم الله به عليهم، وبلاغا إلى الخير كله، وحاجة الخواص إلى الإمام الذي يصلحهم الله به كحاجة العامة إلى خواصهم وأعظم من ذلك.»
هذه زبدة تقرير ابن المقفع للمنصور، وفيه صورة جميلة مما تحتاجه إدارة البلاد من الإصلاح، وما يجب القيام به لاستصلاح الجند والرفق بأهل الكوفة والبصرة، والعناية بأهل العراق والعطف على الحجاز واليمن واليمامة، واختيار العمال الكفاة والرجوع إلى أهل الرأي، واصطناع أرباب العقل من أهل الشام وإشارة إلى أن بغضهم بني العباس من الأمور الطبيعية؛ لأن الملك كان فيهم فانتقل إلى غيرهم، وعرفه الطرق إلى استصلاح العامة، واختيار الخاصة من الأصحاب والموالين إلى غير ذلك من الأمور التي يمكن تطبيقها لعمران البلاد ورفع الحيف عن الخلق، والانتفاع بالقوى المفيدة للرعية وأرضهم. ومن أهم ما وقفنا عليه هذا التقرير أن الأمة لم تعدم في إبان مجدها رجالا يدلونها على مواطن الضعف من سلطانها، ومعالجة الإصلاح بالعقل حتى يبلغ كماله، والأخذ في كل أمر من أمور الدولة بالحزم النافع والمصلحة الشاملة.
إدارة المهدي والهادي والرشيد
سار المهدي بالخلافة على الخطة التي اختطها له أبوه، ينظر في الدقائق من الأمور، ويظهر أبهة الوزارة؛ لكفاءة وزيره أبي عبيد الله بن معاوية بن يسار، فإنه جمع له حاصل المملكة ورتب له الديوان
28
وقرر القواعد «وكان كاتب الدنيا، وأوحد الناس حذقا وعلما وخبرة.» اخترع أمورا منها أنه نقل الخراج إلى المقاسمة، وكان السلطان يأخذ عن الغلات خراجا مقررا ولا يقاسم، وجعل الخراج على النخل والشجر، وضبطت الأمور في أيامه ضبطا محكما. وكان من جملة حظ المهدي أن يكون له وزراء من هذا الطراز العالي، وهو يعتمد عليهم، ويضع ثقته برجال دولته، واستوزر أيضا يعقوب بن داود فخرج كتاب المهدي إلى الديوان أن أمير المؤمنين آخى يعقوب بن داود، فلم يكن ينفذ شيء من كتب المهدي حتى يرد كتاب الوزير يعقوب معه إلى أمينه بإنفاذه؛ أي إن الخليفة ووزيره كانا يراقب أحدهما عمل صاحبه لتقرير ما تلزم به المصلحة قبل إمضائه.
ووضع المهدي ديوان الأزمة، ولم يكن لبني أمية ذلك، ومعنى ديوان الأزمة: أن يكون لكل ديوان زمام وهو رجل يضبطه، وقد كانت الدواوين قبل ذلك مختلطة،
29
والسبب في وضع ديوان الأزمة أنه لما جمعت الدواوين لعمر بن بزيع فكر فإذا هو لا يضبطها إلا بزمام يكون له على كل ديوان، فاتخذ دواوين الأزمة، وولى على كل ديوان رجلا. وأنشئوا ديوانا سموه ديوان النظر، أي المكاتبات والمراجعات، تسهيلا على أرباب المصالح. والديوان يقسم أربعة أقسام؛
30
ناپیژندل شوی مخ