Idamat al-Nazhar fi Tahrir Nukhbat al-Fikr
إدامة النظر في تحرير نخبة الفكر
ژانرونه
ومن الكتب المفيدة في ذلك نسخة جديدة طُبعت لتحفة التحصيل، ذكر محققها في الحاشية فوائد كثيرة تتعلق بالسماع وعدمه، وأيضًا طُبع تقريب التهذيب لحسان عبد المنان، وذكر كلام الحافظ وزاد على ذلك بأن ذكر السماعات وعدمها، وهذا مفيد للغاية، بعيدًا عن ذات حسان عبد المنان وسوئه وتكلم الألباني عليه -رحمه الله تعالى- لكن يهمني نقله وعزوه.
وأيضًا مما ينفع كتب العلامة مقبل الوادعي، فهو مهتم بهذا، ومن ذلك: (أحاديث معلة ظاهرها الصحة) فهذا كتاب نفيس للغاية، ويذكر عللًا دقيقة، ومنها السماعات وغيرها، إلى غير ذلك من الكتب، فينبغي أن يُعتنى بالسماع وعدمه، فما أكثر الأحاديث التي صُححت وثبت أنه لم يسمع الراوي عن شيخه، وأحيانًا ثبت أنه لم يسمع منه في الحديث نفسه وأحيانًا لم يسمع منه البتة.
ومن أمثلة ذلك: ما روى أبو داود من حديث خالد الحذَّاء عن أبي العالية، عن عائشة ﵂ أن النبي ﷺ قال في سجود التلاوة: «سجد وجهي الذي خلقه، وشق سمعه وبصره ...» الحديث، ذكر أبو داود أن خالدًا الحذاء يرويه عن رجل عن أبي العالية، فدل هذا على أن خالد الحذاء لم يسمعه، وقد أفاد ابن الصلاح في مقدمته، وابن رجب في شرح (العلل) على أن العلماء الأولين يستدلون على عدم سماع الراوي من الراوي بأنه في مواضع يُدخل بينهما رجلًا وأحيانًا رجلين، فيستدلون بهذا على أنه لم يسمع منه.
فلذا ينبغي أن يُعتنى بمثل هذا، وأن يُدقق فيه، ورأيت بعضهم أراد أن يُقوي حديث عائشة في سجود التلاوة: «سجد وجهي الذي خلقه وشق سمعه وبصره ...» بما في مسلم من حديث علي أن النبي ﷺ كان يقول في سجوده: «سجد وجهي الذي خلقه، وشق سمعه وبصره ...».
فيقال: لا يصح أن يكون هذا شاهدًا لذاك، لأن هذا في جميع السجدات، والبحث في سجود التلاوة، فلا يصح أن يكون هذا شاهدًا لذاك، وهذا من تساهل المتأخرين في الشواهد.
ومن أمثلة تساهلهم في الشواهد فيما نحن بصدده: أنه روى أبو داود أن النبي ﷺ كان يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»، في إسناده راوٍ مجهول ولا يصح، ورأيت بعضهم صححه بأنه ثبت عن عمر أنه كان يقول ذلك في الطواف كله، فيقال: فرق بين الطواف
1 / 48