اداه توحید
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
ژانرونه
الوجه الثاني: دلائل الكتاب العزيز وذلك كما في قوله تعالى: {وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا} (¬1) ، وقوله تعالى: {فزادتهم رجسا إلى رجسهم} (¬2) ، وبيان ذلك أنه تعالى علم أنهم يزدادون عند إنزال الكتاب كفرا وضلالا، فلو كانت أفعاله معللة برعاية المصالح للعباد، لامتنع عليه إنزال تلك الآيات، فلما أنزلها علمنا أنه تعالى لم يجب عليه أن يراعي مصالح العباد، فإن قالوا: علم الله تعالى من أحوالهم إنه سواء أنزلها أو لم ينزلها فإنهم يأتون تلك الزيادة من الكفر، فلهذا حسن منه تعالى إنزالها، قلنا فعلى هذا التقدير لم يكن ذلك إلا ازديادا لأجل إنزال تلك الآيات وهذا يقتضي أن تكون إضافة ازدياد الكفر إلى إنزال تلك تلك الآيات باطلا، وذلك تكذيب لنص القرآن، قيل: وهذه المسألة هي السبب في مفارقة الأشعري لشيخه الجبائي، يوما عند مباحثته في وجوب رعاية الصلاح والأصلح للعباد على الله تعالى: ما تقول في ثلاثة إخوة مات أحدهم قبل البلوغ والآخر بعده كافرا، والآخر بعده مؤمنا؟، فقال الجبائي: أما الصغير ففي الجنة، وأما الكبير ففي النار، وأما الكبير المؤمن ففي الدرجات العلى، فقال له الأشعري: ما بال الصغير قصر به عن درجة الكبير المؤمن؟ فقال الجبائي: لأنه لم يعمل قدر عمله، فقال الأشعري: فإن احتج وقال: يارب كان الأصلح في حقي أن تبقيني حتى أصل بالعمل الدرجة العليا، فقال الجبائي: إذن يقول له مولانا عز وجل قد علمت أن لو أبقيتك إلى سن التكليف لكفرت، فتخلد في النار، فالأصلح في حقك أن تموت صغيرا كما فعلت بك لسلامتك من النار التي هي أعظم غنيمة، فكيف وقد زدت لك على ذلك مما لا يكيف من نعيم الجنة، فقال له الأشعري: فإذا يقوم الذي مات كافرا بل كل كافر من دركات لظى، فيقول: يا رب فرضائي منك بأدنى مرتبة هذا الصبي،
¬__________
(¬1) - سورة المائدة: 64.
(¬2) - سورة التوبة: 125.
مخ ۲۳۴