اداه توحید
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
ژانرونه
ولما أراد الله تعالى أن ينفد أمره فيمن شاء من الناس بسابقة القضاء طوى هذا المذهب في أكثر البلاد بموت أهله، وانقراض علمائه في تلك النواحي، فطال على الجهال الأمد، وأتاهم من أضلهم عن الحق وأزلهم عن الصدق وقيض على كل ناحية شيطانا، بل شياطين عديدة، فتركوا ما كان عليه أسلافهم من واضح الحق وصريح الصدق إلى ما وسوس به الشيطان إلى أوليائه شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا، فذهب هذا الدين من مكة والبصرة، وخرسان، واليمن ، وحضرموت، وبقي في عمان، والمغرب، وزنجبار، ومصر، ثم انتقصت أطرافها أيضا إلا في النواحي اليسيرة فظهر بذلك صدق الحديث: «بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ» (¬1) ، فالحمد لله على هذه الغربة، والشكر له على هذه القلة، فإن المؤمنين قليل في أول الزمان وآخره قال تعالى: {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} (¬2) ، وقال: {إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم} (¬3) ، وقال: {وقليل من عبادي الشكور} (¬4) ، وناهيك عن أحوال الأنبياء مع قومهم، فانظر إلى حال نوح - عليه السلام - وإلى قومه، وقد أرسل إلى أهل الأرض كافة، فقال تعالى: {وما ءامن معه إلا قليل} (¬5) . وإلى حال إبراهيم - عليه السلام - ، فإنه بعث وحيدا فريدا فآمن له لوط وقال: {إني مهاجر إلى ربي} (¬6) . وإلى حال لوط - عليه السلام - حين أرسل إلى أهل القرى فإن الله تعالى يقول: {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين} (¬7) ، والمراد بيت لوط - عليه السلام - . وإلى حال موسى - عليه السلام - ، فإنه خرج ببني إسرائيل؛ وعند ذاك قال فرعون {إن هؤلاء لشردمة قليلون} (¬8) ،
¬__________
(¬1) - ... تقدم تخريجه.
(¬2) - سورة الأعراف: 102.
(¬3) - سورة ص: 24.
(¬4) - سورة سبأ: 13
(¬5) - سورة هود: 40
(¬6) - سورة سورة العنكبوت: 26.
(¬7) - ... سورة الذاريات: 36.
(¬8) - سورة الشعراء: 54..
مخ ۲۰۵