129

اداه توحید

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

ژانرونه

ولقد بلغني مقالكم في أصحابي، وما عبتموه من حداثة أسنانهم، ويحكم! وهل كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآله إلا أحداثا؟، نعم، إنهم لشباب يتكهلون في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة في الباطل أرجلهم، أنضاء عبادة، قد نظر الله إليهم في جوف الليل، محنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مر أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقا، وكلما مر بآية فيها ذكر النار شهق خوفا، كأن زفير جهنم بين أذنيه، قد أكلت الأرض جباههم وركبهم، ووصلوا كلال ليلهم بكلال نهارهم، مصفرة ألوانهم، ناحلة أبدانهم من طول القيام، وكثرة الصيام، موفون بعهد الله، منجزون لوعد الله، قد سيروا أنفسهم في طاعة الله، حتى إذا التقت الكتيبتان، وأبرقت سيوفها، وفوقت سهامها، وأشرعت رماحها لقوا شبا الأسنة (¬1) ، وزجاج السهام، وظبي السيوف بنحورهم ووجوههم وصدورهم، فمضى الشاب منهم قدما، حتى اختلفت رجلاه على عنق فرسه، واختضبت محاسن وجوههم بالدماء، وعفر جبينه بالتراب والثرى، وانحطت عليه الطير من السماء، ومزقته سباع الأرض، فكم من عين في منقار طائر طالما بكى صاحبها في جوف اللليل من خوف الله، وكم من وجه رقيق، وجبين عتيق قد فلق بعمد الحديد، ثم بكى فقال: هاي هاي على فراق الإخوان، رحمة الله تعالى على تلك الأبدان، اللهم أدخل أرواحها الجنان».

¬__________

مخ ۱۳۱