117

اداه توحید

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

ژانرونه

والأمير عليهم أبو حمزة في ألف، وأمره أن يقيم بمكة إذا صدر الناس، ويوجه بلخا إلى الشام، فأقبل المختار إلى مكة يوم التروية، وعليها وعلى المدينة عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك في خلافة مروان بن محمد بن مروان، وأم عبد الواحد بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فكره عبد الواحد قتالهم، وفزع الناس منهم حين رأوهم وقد طلعوا عليهم بغرفة، ومعهم أعلام سود في رؤوس الرماح، وقالوا لهم: ما لكم وما حالكم؟ فأخبروهم بخلافهم مروان وآل مروان والتبرؤ منهم، فراسلهم عبد الواحد في أن لا يعطلوا على الناس حجهم؛ وقال أبو حمزة: نحن بحجنا أضن، وعليه أشح، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض حتى ينفر الناس النفر الأخير، وأصبحوا من الغد وقفوا بحيال عبد الواحد بعرفة، ودفع عبد الواحد بالناس، فلما كانوا بمنى قيل لعبد الواحد: قد أخطأت فيهم، ولو حملت عليهم الحاج ما كانوا إلا أكلة رأس، وبعث عبد الواحد إلى أبي حمزة عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومحمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبيد الله بن محمد بن حفص العمري، وربيعة بن عبد الرحمن، ورجالا أمثالهم، فلما قربوا من أبي حمزة أخذتهم مسالحه، فدخلو على أبي حمزة فوجدوه جالسا، وعليه إزار قطري قد ربطه بحورة في قفاه، فلما دنوا تقدم إليه عبد الله بن الحسن العلوي، ومحمد بن عبد الله العثماني، فنسبهما، فلما انتسبا له عبس في وجوههما وأظهر الكراهية لهما، ثم تقدم إليه بعدهما البكري والعمري فنسبهما فانتسبا له، فهش إليهما وتبسم في وجوههما، وقال: والله ما خرجنا إلا لنسير سير أبويكما فقال له عبد الله بن حسن: والله ما جئناك لنفاخر بين آبائنا، ولكن الأمير بعثنا إليك برسالة، وهذا ربيعة يخبركها، فلما أخبره قال له: إن الأمير يخاف نقض العهد، قال: معاذ الله أن ننقض العهد أو نحيس (¬1) به، ووالله لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن إلى أن تنقضي الهدنة بيننا وبينكم، فخرجوا من عنده، فأبلغوا عبد الواحد، فلما كان النفر الأخير نفر عبد الواحد، وخلى مكة لأبي حمزة، فدخل بغير قتال، فقال بعض الشعراء يهجوا عبد الواحد:

زار الحجيج عصابة ... قد خالفوا ... دين الإله ففر عبد الواحد

ترك الإمارة والمواسم ... هاربا ... ومضى يخبط كالبعير الشارد

فلو أن والده تخير ... أمه ... لصفت خلائقه بعرق ... الوالد

///

ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة ودعا بالديوان فضرب على الناس البعث وزادهم عشرة عشيرة، واستعمل على الجيش عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فخرجوا فلقيتهم جزر منحورة فتشاءم الناس بها، فلما كانوا بالعقيق (¬2) ، علق لواء عبد العزيز بسمرة فانكسر الرمح فتشاءموا بذلك أيضا، ثم ساروا حتى نزلوا قديدا فنزل بها قوم معتزلون ليسوا بأصحاب حرب، أكثرهم تجار أغمار، قد خرجوا في المصبغات والثياب الناعمة واللهو لا يظنون أن للخوارج شوكة، ولا يشكون في أنهم في أيديهم، وقال رجل منهم من قريش: «لو شاء أهل الطائف لكفونا أمر هؤلاء، ولكنهم داهنوا في دين الله، والله لنظفرن ولنسيرن إلى أهل الطائف فلنسبينهم». ثم قال: «من يشتري مني من سبي أهل الطائف؟»؛ قال أبو الفرج: فكان هذا الرجل أول المنهزمين، فلما وصل المدينة ودخل داره أراد أن يقول لجاريته: «اغلقي الباب»، قال لها: «غاق ناق» دهشا ، فلقبه أهل المدينة بعد ذلك "غاق ناق"، فلم تفهم الجارية قوله حتى أومأ إليها بيده فأغلقت الباب».

¬__________

(¬1) - ... أي نخلط به.

مخ ۱۱۹