كل جوهر قائم بذاته فهو مبسوط لا يتجزأ. فإن قال قائل: قد يمكن أن يتجزأ — قلنا: إن أمكن أن يكون الجوهر القائم بذاته يتجزأ وهو مبسوط — أمكن 〈أن ذات الجزء منه تكون بذاته أيضا كذات الكل. فإن أمكن ذلك، رجع〉 الجزء منه على نفسه، فيكون كل جزء منه راجعا على جزء منه كرجوع الكل على ذاته. وهذا غير ممكن. فإن كان غير ممكن، كان الجوهر القائم بنفسه إذن غير متجزئ وكان مبسوطا. فإن لم يكن مبسوطا وكان مركبا، كان بعضه أفضل من بعض، وبعضه أخس من بعض. فيكون الشىء الأفضل من الشىء الأخس، والشىء الأخس من الشىء الأفضل. إذا كان كل جزء منه 〈مباينا لكل جزء منه〉، فتكون كليته غير مكتفية بنفسها إذ صارت تحتاج إلى أجزائها التى منها ركبت. وليس هذا من سمة الجوهر المبسوط، بل من سمة الجواهر المركبة.
فقد وصح أن كل جوهر قائم بذاته فهو مبسوط لا يتجزأ. إذا لم يكن قابلا للتجزئة وكان مبسوطا، لم يكن قابلا للفساد ولا للدثور.
[chapter 28] ٢٨ — باب آخر
كل جوهر قائم بنفسه، أعنى بذاته، فإنه مبتدع بلا زمان، وهو فى جوهريته أعلى من الجواهر الزمانية. والدليل على ذلك أنه غير مكون من مكون لأنه قائم بذاته، والجواهر المكونة من مكون هى جواهر مركبة واقعة تحت الكون.
فقد وضح أن كل جوهر قائم بذاته إنما ابتدع بلا زمان، وأنه أعلى وأرفع من الزمان ومن الأشياء الزمانية.
[chapter 29] ٢٩ — باب آخر
مخ ۲۸