كل القوى التى لا نهاية لها متعلقة باللانهاية الأولى التى هى قوة القوى، لأنها لا مستفادة أو ثابتة قائمة فى الأشياء الهوية، بل هى قوة الأشياء الهوية ذوات الثبات. فإن قال قائل بأن الهوية الأولى المبتدعة، أعنى العقل، قوة لا نهاية لها — قلنا: ليست الهوية المبتدعة قوة، بل لها قوة ما. وإنما صارت قوتها غير متناهية سفلا لا علوا لأنها ليست بالقوة المحضة التى إنما هى قوة بأنها قوة، وهى الأشياء التى لا تتناهى نهاية سفلا ولا علوا. فأما الهوية الأولى المبتدعة، أعنى العقل، فلها نهاية ولقوتها نهاية أيضا ببقاء علتها. وأما الهوية الأولى المبتدعة فهى اللانهاية الأولى المحضة. وذلك أنه إن كانت الهويات القريبة لا نهاية لها من أجل استفادتها 〈من〉 اللانهاية الأولى المحضة التى من أجلها كانت الهويات، وإن كانت الهوية الأولى هى التى جعلت الأشياء 〈التى〉 لا نهاية لها، فلا محالة أنها فوق اللانهاية. وأما الهوية المبتدعة الأولى، أعنى العقل، فليست لا نهائية، بل يقال إنها غير متناهية، ولا يقال إنها هى التى لا نهاية بعينها. فالهوية الأولى إذن هى مقدار الهويات الأولى العقليات والهويات الثوانى الحسيات، أعنى أنها هى التى ابتدعت الهويات وقدرتها مقدارا ملائما لكل هوية.
مخ ۱۷