نعم ويشتمل هذا الباب على عشر مسائل :
المسألة الأولى: أن لهذا العالم صانعا صنعه ومدبرا دبره
الكلام في إثبات الصانع وقدمها على الصفات لأنها فرع عليها لأن من لم يعلم الذات لم يعلم الصفات فيجب على المكلف أن يعلم أن لهذا العالم صانعا صنعه ومدبرا دبره، وحقيقة العالم في مواضعة المتكلمين الأجسام والأعراض الموجودة على الترتيب المشاهد مثل السماوات والأرض وما بينهما،وهو في الأصل اسم لجميع المخلوقات ومنه حديث وهب بن منبه أن لله تعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا وما فيها عالم واحد، وقيل : اسم لمن يعلم وهو الملائكة والثقلان . وقيل : مشتق من العلم . وقيل : هو اسم لما يعلم به الله . وقيل : كل عصر يسمى عالم . ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة وقد ذكرت عندها مريم(تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء العالمين). والقول بأن لهذا العالم صانعا فاعلا مختار هو مذهب جميع فرق الإسلام وأكثر فرق الكفر من أهل الكتب وكثير من عبدة الأوثان.
والخلاف في ذلك مع الملحدة والفلاسفة والدهرية والطبائعية والباطنية ، ثم اختلفت هذه الفرق الضالة على قولين فالملحدة والدهرية والطبائعية والفلاسفة المتقدمون ينفون المؤثر ويقولون : لا صانع جملة ولا تفصيلا . ويقولون : العالم قديم وما ثم إلا ليل ونهار وشمس وأقمار وفلك دوار. وقد حكى الله مقالة الدهرية في قوله تعالى { وما يهلكنا إلا الدهر } (الجاثية:24).والقول الثاني وهو قول الباطنية والفلاسفة الإسلاميين إثبات مؤثر جملة.
مخ ۲۶