196

الجواب: والله الموفق أنا قد بينا بما مهدنا من المقدمات الأربع أن عموم الوعيد أدلة قطعية ظاهرة الدلالة، وعمومات الوعد مجملة غير مبينة ، ألا ترى إلى قوله تعالى{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء}(النساء:48) فإنها مجملة من جهة الغفران والمغفور له معا وكذلك سائرها عند التأمل، وإذا ثبت ذلك وجب الاعتماد على آيات الوعيد إذ لا يترك القطعي بما ليس بقطعي، وأيضا فإن في عمومات الوعيد ما لم يمكن تأويله ولا إخراجه عن ظاهره بوجه من الوجوه، وقوله تعالى{ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}(النساء:123) نزلت الآية خطابا للمسلمين قيل سبب نزولها أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبيئنا قبل نبيئكم وكتابنا قبل كتابكم. وقال المسلمون: نحن أولى منكم نبيئنا خاتم النبيئين وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبل ويشهد عليها فنزلت الآية، قال الحسن البصري ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، إن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم وقالوا: نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن بالله لأحسنوا العمل.

مخ ۲۳۲