193

واعلم أن هذه الدلالة لا تقرر إلا بمقدمات أربع.

الأولى: أن في اللغة ألفاظا موضوعة للعموم وذلك ثابت لاشك فيه بدليل أن أسماء الشرط وهي من ونحوها، والجمع المعرف باللام ونحوها، ألفاظ عامة لسبق العموم إلى الأذهان عند إطلاقها وصحة الاستثناء منها، ألا ترى (إلى من) قال: من دخل داري أكرمته، يعم كل عاقل بدليل صحة استثناء زيد وعمرو فالمنكر كونها للعموم لا يلتفت إليه.

الثانية: أن كون تلك الألفاظ موضوعة للعموم معلوم مقطوع به فإنا لما استقرأنا اللغة العربية وتتبعناها وبحثنا في مفهومات تلك الألفاظ واختبرناها وجدناها مفيدة للعموم وعلمنا ذلك علما قطعيا لا تعتريه الشكوك، لا يقال معاني الألفاظ إنما تعرف بالنقل، فإن كان تواترا فكيف خالف فيه كثير من الناس وهو ضروري، وإن كان آحاديا فلا يفيد القطع، لأنا نقول نفس الألفاظ منقولة إلينا بالتواتر، وأما معانيها فإنما علمت بالبحث والاختبار فكان العمل بها نظريا بواسطة النقل التواتري لنفس الألفاظ فاحتملت الخلاف.

مخ ۲۲۹