144

المسألة السابعة عشرة ((في الآلام))

في الآلام وما في حكمها وما يتعلق بها من الأعواض وغيرها، والألم هو المعنى المدرك بمحل الحياة فيه مع النفرة عنه، والذي في حكمه الغم وهو علم الواحد منا أو ظنه أو اعتقاده بنزول مخوف في المستقبل به أو بمن يحب، وإنما قلنا إن الغم في حكم الألم لأن العوض يستحق عليهما معا،وقد يقال المرجع به عند أبي الحسين والإمام يحي وهو مقتضى ما روي عن القاسم والهادي إلى صفة للمتألم وهي كونه متألما وهذه صفة بالفاعل فما وقع من ذلك باختيارنا فالصفة حاصلة منا وما كان بغير اختيارنا فهو صفة من جهة (الله تعالى) . واعلم أن الآلام مضرة عاجلة وإنما تحسن لوجوه خفية حتى أن الجهل بوجوه حسنها أصل في ضلال فرق كثيرة كالدهرية فإنهم قالوا لو كان للعالم صانع مختار لما صدر عنه هذه الآلام الضارة التي لا غرض فيها أصلا، والثنوية فإنهم جعلوا لها فاعلا غير فاعل الخير لاعتقادهم كونها شرا محضا وقد مر إبطال مقالة هاتين الفرقتين الضالتين. والتناسخية لما لم يروا بدا من القول بحسنها ارتكبوا لتصحيح ذلك أن أرواح الأطفال والبهائم قد عصت في هياكل غير هذه فعوقبت في هذه، وقولهم لم يدل عليه دليل وكان يلزم أن يحسن سب الطفل والبهيمة عند ألمهما. والبكرية لما لم يصح لهم ذلك التناسخ نفوا تألم الأطفال والبهائم أصلا وقالوا إنها لا تدرك ألما البتة وكلامهم مخالف لما هو معلوم من شاهد الحال من تضررهما ضرورة. والمجبرة لما جهلوا حسنها قالوا: لا يقبح من الله قبيح وأنه يفعل في ملكه ما يشاء ولو وقع مثل ذلك منا لقبح، فهؤلاء كلهم قد ضلوا بسبب جهلهم وجه حسن الألم فتعين حينئذ وجوب معرفة ذلك الوجه.

مخ ۱۷۲