إیضاح په مصباح شرح کې
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
ژانرونه
اعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يكلف عباده العقلاء من معرفته إلا ما مر من إثبات الصانع وصفاته الإيجابية والسلبية لتعذر تصوره تعالى لما ثبت أنه تعالى ليس بجسم ولاعرض، والتصور إنما يكون لهما ضرورة وينبغي للعاقل بل يجب عليه بعد استتمام الدلالة على معرفته تعالى بالأدلة التي قدمنا ونحوها، أن يردع نفسه عما يوسوس به الشيطان ويلقيه في روعه إذا بعثه على التفكر في ذات الله ، وكيف هذه الذات وأزمع في نفسه استعمال النظر ليقع على عرفان كيفية ذات الله فإن هذا الوسواس أعظم أبواب الشيطان إلى الإلحاد والكفر، وهو خلاف ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وصالح المسلمين في الأثر النبوي (إن الشيطان ليأتي أحدكم فيقول الله خلق الخلق فمن خلق الله) فمن وسوس الشيطان في صدره بذلك فليقل آمنت بالله وذلك حقيقة الإيمان وينظر في مصنوعات الله تعالى. فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان كثيرا ما يكرر الإقرار بالله تعالى ووحدانيته وصفاته الإثباتية والسلبية وينظر في مصنوعات الله الدالة على ذلك ويأمر بالنظر فيها وينهى عن النظر في ذات الله، وهكذا كان أمير المؤمنين (علي) عليه السلام، قال صلى الله عليه وآله وسلم:(تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لن تقدروا قدره) وقال علي عليه السلام: من تفكر في خلق الله وحد، ومن تفكر في الله ألحد. والله سبحانه وتعالى لم يأمرنا في كتابه العزيز إلا بالتفكر في مصنوعاته لا غير والقرآن مشحون بذلك. وقال القاسم عليه السلام: جعل الله في جميع المكلفين شيئين العقل والروح وهما قوام الإنسان لدينه ودنياه وقد حواهما جسمه وهو يعجز عن صفتهما، فكيف يتعدى بجهله إلى عرفان ماهية الخالق، ومن لم يعرف عقله وروحه والملائكة والجن والنجوم وهذه مدركة أو في حكمها، كيف ترمي به نفسه المسكينة إلى عرفان من ليس كمثله شيء. ولبعض العلماء الموحدين من اطمأن إلى موجود أدرك حقيقته فهو مشبه، ومن اطمأن إلى النفي المحض فهو معطل، ومن قطع بموجود يعجز عن إدراك حقيقته فهو موحد، قال أمير المؤمنين عليه السلام وقيل أبو بكر:-
العجز عن درك الإدراك إدراك والبحث عن فحص كنه الذات إشراك
ويروى لصاحب شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد شعرا:-
فيك يا أغلوطة الفكري تاه عقلي وانقضى عمري
سافرت فيك العقول فما ربحت إلا أذى السفر
رجعت حسرى وما وقفت لا على عين ولا أثر
فلحا الله الأولى زعموا أنك المعلوم بالنظر
كذبوا إن الذي زعموا خارج عن قوة البشر
ولأمير المؤمنين عليه السلام في خطبة الأشباح في نهج البلاغة مالفظه؛ وماكلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في السنة أثره فكل علمه إلى الله فإن ذلك منتهى حق الله عليك، فإن الراسخين في العلم أغناهم الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح الله اعترافهم عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى بتركهم التعمق رسوخا، فاقتصر على ذلك ولا تقدر عظمة الله على قدر عقلك فتكون من الهالكين، هو الذي ارتمت الأوهام لتدرك كنه صفاته، وغمضت مداخل العقول لتناول علم ذاته، ردعها تعالى فرجعت إذ جبهت معترفة أنه لا ينال كنه معرفته ولا يخطر ببال ذوي الرويات خاطرة من تقدير جلال عزته، وكلما خلق حجة له ودليلا عليه وإن كان خلقا صامتا محجته بالتدبير ناطقة.
مخ ۱۲۳