المطلب الثاني مناهج المؤلفين في الفروق الفقهية
من خلال العرض السابق للمؤلفات في علم الفروق الفقهية، ووصف ما أمكن وصفه من تلك المؤلفات، يظهر أن هذه المؤلفات تنقسم في مناهجها إلى قسمين رئيسيين هما:
القسم الأول: المؤلفات في بيان الفروق بين القواعد الفقهية
وهو منهج القرافي في فروقه، ومنهج المؤلفات التي هي فرع عن عمله - كما سبق ذكرها - فإن هذه المؤلفات صنفت في بيان الفرق بين القواعد الفقهية، مع اشتمالها أيضًا على فروق فرعية قصد بها إيضاح القواعد الفقهية، وقد أوضح القرافي منهجه هذا بقوله: (وجعلت مبادئ المباحث في القواعد بذكر الفروق والسؤال عنها بين فرعين أو قاعدتين، فإن وقع السؤال عن الفرق بين الفرعين فبيانه بذكر قاعدة أو قاعدتين يحصل بهما الفرق، وهما المقصودتان، وذكر الفرق وسيلة لتحصيلهما، وإن وقع السؤال عن الفرق بين القاعدتين فالمقصود تحقيقهما، ويكون تحقيقهما بالسؤال عن الفرق بينهما أولى من تحقيقهما بغير ذلك، فإن ضم القاعدة إلى ما يشاكلها في الظاهر، وبضادها في الباطن أولى). وقال أيضًا: (وعوائد الفضلاء وضع كتب الفروق بين الفروع، وهذا في الفروق بين القواعد وتلخيصها) (١).
وهذا المنهج هو الذي سلكه القرافي أيًضا في مصنفه الآخر (الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام) حيث قال في مقدمة كتابه الفروق بعد كلامه السابق عن منهجه في كتابه الفروق: (وتقدم قبل هذا كتاب لي سميته كتاب الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام وتصرف القاضي والإمام، ذكرت في هذا الفرق أربعين مسألة جامعة لأسرار هذه
_________
(١) ١/ ٣.
1 / 38