إن زوال النجاسة يكون بالماء وغيره من المسح أو ما يزيل العين لأن المراد من النجاسة زوال العين، والشرع قد ورد بذلك، الدليل ما روي من طريق ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( المذي والودي والمني ودم الحيض والنفاس نجس لا يصلى بثوب وقع عليه شيء منها حتى يغسل ويزول أثره )([12]) فقد جعل غاية الطهارة زوال الأثر، والماء أقوى مادة في زوال العين من غيره لكن المسح في الفروج ومواضع الشعر ومواضع الشقاق في الرجلين لا يجزئ لأنه لا ينقى ولذلك قلنا لا يجزئ إلا الماء، وأما ماء المجذومين وأهل العلل مثل المجروب والمجدور وغيره فإنه يجزيه التيمم. ولا يستنجي بمائهم إذا خاف المضرة من مائهم فإن عارض معارض بقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا هامة ولا عدوى ) أي لا يتحول شيء من المرض ولا يعدي، قيل له لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق ابن عباس قال: ( لا يورد هائم على مصح )([13]) أي لا ينزل عليه فيضره والضرر لا يحل علمنا أن قوله عليه الصلاة والسلام: ( لا هامة ولا عدوى ) وقوله: فما أعدى الأول ما كان تتوهمه العرب أن هذه الأشياء ليس لله فيها صنع وإنما فعل غيره ونهاهم أن يعتقدوا ذلك، والدليل ما روي عن جابر ين زيد رحمه الله تعالى قال: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الصبح بالحديبية([14]) في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف من صلاته أقبل على الناس فقال لهم: هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
مخ ۳۰