[ 59] قوله: فهو مخير بين الحجارة الخ لقائل أن يقول: لا يتعين ذلك لأن الحجارة لما طلبها الشرع كانت مندوبا إليهما وما سوى النبات والأشجار ينبغي أن يكون باقيا على الإباحة فإن كان مقصود المؤلف رحمه الله تعالى بطل الاستنجاء على جهة الاستحباب والندب فكلامه صحيح، لكن لا يلاقي كلام السائل وإن كان مقصوده منع الاستنجاء بها مطلقا فهو ممنوع وما ذكره لا يفيده بل لا يفيد إلا إبطال كون الاستنجاء بها مندوبا ولا يضر السائل ما ادعى الندب بل الإباحة الأصلية فليحرر وعبارة الشيخ أحمد في شرح مختصر العدل: وأعلم أن التخيير لا يصح بين شيئين أحدهما إباحة والآخر وجوب أو أحدهما ندب والآخر إباحة أو وجوب انتهى. زاد بعضهم ولا بين حرام وواجب وإلا انقلب أحدهما إلى الآخر فإن التخيير بين التحريم ونقيضه يرفع التحريم والتخيير بين الواجب وتركه يرفع الوجوب ولهذا ردوا على داود استدلاله على وجوب النكاح بقوله ﴿ انكحوا ما طاب لكم من النساء } لأن قوله: ﴿ أو ما ملكت أيمانكم } تخيير بين النكاح وملك اليمين، والثاني لا يجب إجماعا فكذلك ما خير بينه وبينه.
[60] قوله: ولا بد من ذلك الخ، قلت: ممنوع لجواز أن يكون تخصيصها لا لكونها مطلوبة مندوبة دون غيرها بل لكونها الغالب المتيسر فلا يكون له مفهوم كما في قوله تعالى: ﴿ ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } ونظائره ويدل على عدم تعيين الحجارة نهيه صلى الله عليه وسلم عن العظم والروث ولو كان الحجر متعينا لنهى عما سواه مطلقا فحينئذ لا يرد كلام الشيخ رحمه الله نعم إن أراد الاعتراض على القائل بندبية الحجارة اتجه عليه الاعتراض وأنت خبير بأن ما ذكرنا من البحث هو مقتضى كلام الشيخ أبي طاهر وما قاله رحمه الله مأخوذ من كلام الديوان كما يعلم بالوقوف عليه فليعتمد هنا والله أعلم، كذا ظهر بعد التأمل واستغفر الله من الخطأ والزلل.
مخ ۲۷