اعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
پوهندوی
سليم بن عيد الهلالي
خپرندوی
دار ابن عفان
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
د خپرونکي ځای
السعودية
وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ اتِّبَاعٌ لِلْهَوَى; لِأَنَّ الْعَقْلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّبِعًا لِلشَّرْعِ، لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي اتِّبَاعِ الْهَوَى وَأَنَّهُ ضَلَالٌ مُبِينٌ.
أَلَا تَرَى قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص: ٢٦].
فَحَصَرَ الْحُكْمَ فِي أَمْرَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا عِنْدَهُ، وَهُوَ الْحَقُّ وَالْهَوَى، وَعَزَلَ الْعَقْلَ مُجَرَّدًا إِذْ لَا يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ إِلَّا ذَلِكَ.
وَقَالَ: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ [الكهف: ٢٨]، فَجَعَلَ الْأَمْرَ مَحْصُورًا بَيْنَ أَمْرَيْنِ: اتِّبَاعِ الذِّكْرِ، وَاتِّبَاعِ الْهَوَى.
وَقَالَ: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾ [القصص: ٥٠]. وَهِيَ مِثْلُ مَا قَبْلَهَا.
وَتَأَمَّلُوا هَذِهِ الْآيَةَ; فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَّبِعْ هُدَى اللَّهِ فِي هَوَى نَفْسِهِ، فَلَا أَحَدَ أَضَلُّ مِنْهُ. وَهَذَا شَأْنُ الْمُبْتَدِعِ، فَإِنَّهُ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ. وَهُدَى اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ.
وَمَا بَيَّنَتْهُ الشَّرِيعَةُ وَبَيَّنَتْهُ الْآيَةُ أَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ وَلَا صَاحِبُهُ
1 / 67